قرابة ظهيرة يوم الخميس، الواقع في 28 كانون الأول ٢٠٢٣، قيل إن التيار الكهربائي قد انقطع - على ذمة الرواة - عن تلفريك جونيه - الكسليك، وتسبب بارتطام مقصورتين خاويتين من الركاب، نتج عنه توقف الحركة الميكانيكية، وبقاء مقصورات أخرى مأهولة على ارتفاعات متباينة، تتراوح بين الثلاثين إلى مائة متر عن سطح سفح الجبل شديد الانحدار، وتفتقر بعض مساحته الى طرقات سالكة للآليات، وحتى للمشاة!
تابعت هذا الحدث المفاجئ على موقع X الإلكتروني وعلى محطات إذاعية توقفت عن الإرسال العادي، وأجرت اتصالات مباشرة على الهواء مع مسؤولين في الدفاع المدني وسواهم، الذي هرعت فرقه فوراً إلى نجدة العالقين في المقصورات التي كانت على ارتفاعات دون الثلاثين متراً، بواسطة الرافعات المتوفرة لديها؛ في حين استمر البث الإذاعي أكثر من ساعتين دون نجدة العالقين في المقصورات العالية المتوقفة!
المحزن أنه لم تبادر أية إذاعة الى الاتصال بالجيش اللبناني، أو تحديداً بالفوج المجوقل، من أجل تسيير مروحيات على وجه السرعة إلى مكان الحادث المؤثر، بل كانوا على تواصل مع أحد ركاب هذه المقصورات العالية، دام أكثر من نصف ساعة، سائلين عن مدى خوفه وتوتره على عائلته التي تصطحبه، ما رفع من معدل قلق ورعب المستمعين، لكن لم تنل أسئلة الإعلامي، من بأس وأعصاب ذلك الراكب الذي شاء أن لا يبث الرعب والقلق في قلبي طفليه اللذين كانا يستمعان مع زوجته إلى إجاباته الحريصة على أسئلة ذلك الإعلامي!
مضت أكثر من ثلاث ساعات بطيئة على مأساة الركاب الذين كان معظمهم في رحلة مدرسية، بعيدين عن أهاليهم، الذين لم تتسع لصلواتهم أبواب السماء لخلاص أطفالهم العالقين بين الأرض والسماء!
لا أريد أن أطيل عليكم، بل أود طرح التساؤلات الآتية:
لماذا لم تنسق إدارة التلفريك مسبقاً مع الفوج المجوقل، طالما أنه يوجد دائماً احتمال حصول ما حصل الآن، من أجل ضرورات جهوزيتهم للنجدة؟
لماذا لم تجرِ هذه الإدارة المقصّرة اتصالاً فورياً مع قيادة الجيش طلباً للنجدة؟
ماذا لو كان بين ركاب هذه المقصورات عائلة زعيم، أو أحد أفراد المنظومة المتحكّمة، هل كان سيحصل هذا التأجيل والتقصير معهم؟
هل يدرك المسؤولون عن هذه الإذاعات المنكوبة بإعلامييها، أن النقل المباشر لمثل هكذا حادث إنساني من شأنه ترويع الناس وإرباكهم، عوضاً عن بقائهم في صمتهم إلى حين الإنفراج والخلاص من هذه المحنة الإنسانية الطفولية؟
المؤسف أن إجابات بعض المسؤولين الذين تم الاتصال بهم، كانت تصب في تبرير حصول ذلك، كما هو حال حوادث عديدة شبيهة أشاروا إلى أنها قد حصلت سابقاً في دول أخرى!
لا أريد إهانة أحد من هكذا مسؤولين ، لكنني أتمنى أن تجري محاسبة كل واحد منهم، عسى تنبت في أديم هذا الوطن سنابل مواسم الخير، ولا تنتشر في فضائه الأسود غربان الشر والشؤم والبلية!
الحمد لله على سلامة جميع الذين كان صبرهم صعباً وطويلاً!
الحمد لله على النعمة الإلهية التي باركت هؤلاء الملائكة الصغار!