النهار

صندوق الثروة السيادي
المصدر: النهار - نادر حسان صفا
صندوق الثروة السيادي
يعتبر الصندوق السيادي للبترول أداة مهمّة لإدارة ثروات النفط والغاز وتحقيق الاستدامة المالية للدول المنتجة للبترول، حيث يؤدي دوراً حيوياً في تنويع مصادر الدخل، تعزيز النمو الاقتصادي، وتمويل المشاريع الحكومية الكبرى.
A+   A-
يعتبر الصندوق السيادي للبترول أداة مهمّة لإدارة ثروات النفط والغاز وتحقيق الاستدامة المالية للدول المنتجة للبترول، حيث يؤدي دوراً حيوياً في تنويع مصادر الدخل، تعزيز النمو الاقتصادي، وتمويل المشاريع الحكومية الكبرى.
إن الصندوق السيادي للبترول هو بشكل أساسي مؤسّسة مالية تملكها الدولة، وتهدف إلى إدارة الثروة المتحققة من صادرات النفط والغاز. تعتبر الدول النفطية الرائدة مثل النروج، السعودية، الإمارات وروسيا، من الدول التي أنشأت صناديق سيادية لإدارة ثرواتها النفطية واستخدمتها في عمليات الاستثمار في محتلف الأصول مثل الأسهم، السندات، العقارات والاستثمارات في المصارف والبنية التحتية.
هناك نوعان من الصناديق السيادية. النوع الأول يتضمن صناديق الادّخار التي تعمل على بناء مدخّرات للأجيال القادمة، والنوع الثاني يتضمن صناديق الاستقرار وغايتها تحقيق الاستقرار والحدّ من تقلّب الإيرادات الحكومية، ولمواجهة الآثار السلبية لدورات الازدهار والكساد على الإنفاق الحكومي والاقتصاد الوطني.
لم يبدأ لبنان بعدُ بإنتاج النفط والغاز، وذلك بسبب التحديات الفنية والسياسية التي واجهت تطوير هذا القطاع. ومع ذلك، فإن إنشاء الصندوق السيادي يعكس التزام لبنان بشكل جدّي بإدارة الموارد البترولية بشكل مستدام وشفّاف إلى جانب تحقيق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد في حال بدأ الإنتاج. يعتمد لبنان لإدارة الموارد البترولية استراتيجية فرض الشفافية والحوكمة القوية في قطاع البترول إلى جانب الشراكات الدولية مع الشراكات النفطية العالمية ذات الخبرة والكفاءة، بالإضافة إلى المسؤولية البيئيّة التي تعتبر جزءاً أساسياً من هذه الاستراتيجية.
تتم الاستفادة من الصناديق السيادية للبترول عبر تنويع الدولة لمصادر دخلها، وعدم الاعتماد فقط على البترول كمصدر أساسي للدخل. وبذلك تعمد الدولة أيضاً إلى تفادي آثار تقلّبات أسعار النفط عالمياً (تؤدّي إلى خلل في الموازنات)، وإلى تعزيز الاستثمارات المحلية والخارجية عبر الاستثمار في الشركات المحلية، مع تفعيل الاستثمارات الخارجية لتفادي آثار تقلّبات النفط على اقتصاد البلاد، وبالإضافة إلى تحصيل أعلى عائد ممكن ضمن الأطر المحدّدة من الدولة. وعلى الدولة أيضاً الاعتماد على سياسة مالية أساسية تسمّى بالميزانية، حيث لا يسمح للإنفاق الحكومي بتخطّي سقف العائدات الأساسية المتوقّعة للصندوق، والتي عادة ما تبلغ نسبة 4%. كذلك، عليها أن تضع ضوابط، منها تخزين عائدات النفط في صندوق الثروة السيادية، والإنفاق فقط من العوائد الحقيقية للمحفظة الاستثمارية للصندوق، مع إدارة الأموال بانتظام عبر الاستثمار عالمياً، مع إمكانية الادّخار وحماية الثروة للأجيال القادمة، وتخصيص الأرباح لرفع الجودة التعليمية، الصحية والمستوى المعيشي للمواطن.
إن التنفيذ الفعلي لاستراتيجية عمل الصندوق السيادي وفق خطة تضمن الاستدامة العملية له يتطلّب اتّخاذ قرارات سياسية، تشريعية وتنظيمية مناسبة. وهذه التحدّيات يواجهها لبنان اليوم داخلياً، نظراً إلى الظروف الصعبة التي يمرّ بها، إلى جانب تخبّط المنطقة، ممّا يعيق العبور قدماً في ملف ثروة لبنان بصورة عامة، بالرغم من تحقيق كامل الإجراءات اللازمة من قبل الدولة اللبنانية.




الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium