مع تطوّر الأحداث ووتيرة التحركات على الصعيد السياسي - إن صح القول - وحركة الناس التي تُطالب بأبسط حقوقها وإعادة أموالها المنهوبة أو المودعة في البنوك، نجد أن العالم يتغيّر من حولنا بلا هوادة، وبوتيرة سريعة جداً، فيما نحن في لبنان ننتظر ما تأتينا به الأيام من مفاجآت نأمل في أن تكون لمصلحة لبنان!
على هذا الأساس يعمل اللبناني من أجل التفتيش عن طرق الأمان لنفسه ولأحبائه، فيتوجّه بسلوكه إلى استنباط الأفكار التي تؤدي به إلى شاطئ أمين يحميه من الرياح والعواصف، عواصف جشع المتمكّنين من أموره الحياتية العامة، وجشع طواغيت هذا الزمن الرهيب، الذي تُباح فيه الأعراف والقيم والمبادئ على حساب المصالح الشخصية والأهواء البغيضة، المتمثلة بطريقة التعاطي مع المواطنين عموماً أو تجاهل مطالب الناس المحقة خصوصاً.
هذا الجشع تمثل بتصرّفات العدد الأكبر من المسؤولين العاملين بالشأن العام، والتحوّل إلى ثقافة انسحبت على العدد الأكبر من الإدارات العامة أو كلّ ما يخصّ شؤون المواطن، الذي أثقلته الأيام بالتضحيات، ونهبت منه أبسط حقوقه، أقلّه تلك المرتبطة بهدر وقته وأعصابه لتحقيق أبسط أمور الدنيا، التي من واجبات الدولة العصرية تأمينها لرعاياها، لا بل كانت الدول والكيانات في القرون الماضية أكثر تحضراً ممّا نحن عليه في يومنا هذا في لبنان.
تعود الأسباب البغيضة بكلّ بساطة إلى الإهمال، الذي إلى جانب الجشع يساهم بكلّ قوة في دكّ مسامير الموت والدمار في نعش الوطن.
لقد تمّ تذويب الموارد الأساسية في جيوب المتنفّذين ومخازنهم وحساباتهم مع أزلامهم الذين يقتاتون على الفتات، ومن الفتات جنوا الثروات! فمن أين لهؤلاء ما لهم؟
مع الإهمال والجشع تستمر معاناة وطن وشعب، ويغيب الضمير ويصبح البشر أرقاماً...
عندما يحقق البعض الثروات من خلال استباحة المحرّمات، يبتعدون عن حقيقتهم البشرية وكيانهم الإنساني. فكيف يطلب من الغائب الحضور، وكيف يطلب من السارق تسليم نفسه، إن كانت بيده السلطة والنفوذ والمال؟! كيف يطلب ممن أصبح كالمسخ أن يكون إنسانا؟!
فالعديد من البشر يحملون أشكالاً في عمقها لا تحمل من الإنسانية شيئا!
الوطن بحاجة إلى دولة تحقق ما يريده المواطن من حرية وسيادة وعمل من خلال أداء نزيه يُنقذ لبنان من الحكومات التي تكثر فيها الأوبئة النفسية، وتغيب عن مسؤوليها الضمائر الإنسانية.
لبنان يستطيع تحقيق معجزات إيجابية لا تحصى، لكن يجب تحريره أولاً، تحريره من الفساد والفاسدين، واستعادة الحقوق والأموال لأصحابها...
والسلام