الحب الذي يزيّن الذكريات، الأصالة في المواضيع التي تشبه بيئتنا، والبساطة في الإخراج.. ٣ عناصر شكّلت النواة لنجاح مسرحية "غمّض عين، فتّح عين"، من كتابة وإخراج كريم شلبي وساره عبدو، وتمثيل سينتيا كرم وفؤاد يمين.
بعد نجاح عروضها في لبنان بأكثر من ٧ آلاف مُشاهِد، قرّرت مارسيل توما، مؤسسة شركة Sitara Production أن تأتي بها إلى دبي إيماناً منها بالعمل المسرحي، بعد أن شاهدته في بيروت "وشعرتُ بأن المسرحية كُتبت بطريقة ذكيّة... وهي مزيج من الدراما والنوستالجيا والضحك". وستُقدّم العروض على مسرح Zabeel في دبي، يوم 25 و26 كانون الثاني/ يناير 2024.
تخليداً لذكريات تركها بعد وفاتهما جدّ وجدّة الكاتب والمخرج كريم شبلي، "اللي بحبّن كتير، وبحبّ أخبارهم وقصة حبّهم ونهفاتهم"، اختار عام ٢٠١٧ أن يكون موضوعه في حصة الكتابة، تحت إشراف أستاذته الفنانة بيتي توتل؛ و"انكبّ بالجرور".
عام 2022، عمل على تطوير النّص بعنوان "نحنا وناطرين نوح" مع زميلته ساره عبدو (كاتبة وممثلة ومغنية) التي استوحت في الكتابة من حبّها لوالدتها ووالدها، فربح العمل جائزة في إحدى مسابقات مسرح دوار الشمس؛ وتحوّل عام 2023 إلى عرض مسرحي طويل، بعنوان "غمّض عين، فتّح عين".
في بيروت، في شقة صغيرة مع حمّام، تدور قصة حبّ عبر الأزمنة من الستينيات حتى ٢٠٢٠، يجسّدها كلّ من الممثلة سينتيا كرم "عيّود"، والممثل فؤاد يمين "برهوم". هي قصة نجدها في بيتنا وتعبّر عن بيئتنا، وكلّ شخص يتابع المسرحية، سيقول "حسّيت عم تحكي عنّي.. ذكّروني بطفولتي، بأهلي.. علاقتي أنا وزوجتي".
تتوجّه المسرحية برسائل متعددة، منها المباشرة ومنها المبطّنة، من خلال مواضيع عن الشباب، الغربة، الزواج والشيخوخة، في محاولة لتغيير طريقة النظر إليها. أسلوب الكتابة يعكس الحياة والحقيقة، وما من حلّ واحد أو حقيقة واحدة، لأنّه "بمجرد أن تعرض على مجتمع قضية، فأنت تفسح له المجال كي يجد حلولاً تناسبه... وكلّ شخص يُترجم الحلّ على طريقته".
هنا، تنطلق ساره من العنوان؛ كيف أنّ الحياة تمرّ فيها المراحل بلمحة بصر، وتتراكم الأمور، وفجأة ندرك أن الوقت قد مرّ. أمّا كريم فيعطينا مثالاً حول فكرة الإنجاب: "نجيب الولد لآخرتنا". ولكن "ماذا لو اضطر الولد مستقبلاً إلى السّفر؟" و"ليه بعدنا عم نعذّب أطفال بعالم هلقد فيه وجع وحروب.. لازم نشفى من أوجاعنا قبل أخذ قرار بتأسيس عائلة".
إيمان الفريق بالعمل وكمية الحبّ هما من أسرار نجاحه، ويقول كريم: "لأول مرة أشعر بأن الحقيقة أكبر من الحلم". أمّا ساره فلم تستوعب في البداية سرعة النجاح، خاصّة أن العروض كانت ممتلئة العدد على الرغم من ضعف الإمكانيات للترويج له، وكان الجمهور "اللي عم يحضر يرجع يروح ويخبّر أهلو وأصحابو".
في حين كانت المسرحية بالنسبة لـ كريم "وسيلة تساعد على التأقلم مع فكرة الغياب، مع الاحتفاظ بشعور الشوق". تضيف ساره أنها "فرصة لأنفسنا ولغيرنا لمتابعة عمل مسرحي يشبه عالمنا"، خاصة في ظلّ النقص في النصوص المسرحية الأصلية غير المستنسخة. وهذه الحاجة إلى وجود أعمال مسرحية عربية هي أيضاً ما دفع مارسيل توما إلى أن تخلق الفرصة لعرضها في دبي "إذ لاحظت أن هناك أعمالاً عربية مسرحية قليلة.. مع العلم أن المسرح يحكي عن مشاعر العالم، ثقافة البلد، ويكوّن علاقة تواصل مع الجمهور". على أمل أن تكثر الأعمال المسرحية العربية، و"أن تكون نشأة جديدة للمسرح، لأن من خلاله نستطيع أن نعمل فرق"، كما تقول ساره.