بعد أيّام قليلة نغلق باب سنة 2022 ونفتح باباً جديداً على سنةٍ جديدة، نأمل في أن تكون سنة خير وافضل من السنوات الماضية. ينتظر اللبنانيّون هذه الليلة من سنة إلى أخرى من أجل الاحتفال مع الأصدقاء والأقرباء والمحبّين. ولكن هذه السنة ليست كغيرها من السنين السّابقة؛ فالأزمة الاقتصادية وجنون الدولار في السوق السوداء قد ألغيا الكثير من عادات اللبنانيين في هذه الليلة. بعد ثلاثة أعوام على الأزمة، تفتقد الأماكن العامة الزّحمة التي كانت تحصل فيها، وتغيب زينة الأعياد عن شوارع العاصمة وغيرها من المناطق اللبنانية.
اليوم، لم يعد اللبناني قادراً على تأمين أبسط متطلّبات العيد لعائلته، فأصبح عمله فقط لتأمين الأكل، ولم يعد باستطاعته شراء متطلّبات العيد كالزينة والثياب الجديدة. فموائد العيد التي تُشكّل واحدة من أهمّ عناصر الاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة في لبنان، باتت تعكس الواقع الحقيقيّ لأزمة وصفها البنك الدولي بـ"الأكثر حدّة وقساوة في العالم"، من خلال استبدال أطباق تقليدية - أساسية مثل اللحوم والحلويات بأطباق بسيطة وذات تكلفة أقلّ؛ وذلك بسبب ارتفاع أسعارها نتيجة تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
كذلك لم يعد يستطيع ربّ العائلة أن يخرج مع عائلته إلى الأماكن العامّة بسبب غلاء المحروقات.
وبفعل الأزمة وتداعياتها، أصبح أطفال لبنان يتحسّرون على العيد ويفتقدون فرحته. يتذكّر أطفال العيد قبل الأزمة، ويتحسّرون على العيدية التي كانت تساوي 5000 ليرة لبنانية، وكانت تفعل فعلها. واليوم، أكثريّة الأولاد في لبنان ينظرون إلى زينة العيد وألعاب العيد ويتمنّون أن تدخل فرحة العيد منازلهم، ولو لعدّة دقائق.
يعجز الكثير من الأهل في لبنان عن تأمين لوازم العيد، وينظرون إلى أطفالهم وعائلاتهم بحرقة قلب، وهم غير قادرين على تغيير شيء بسبب الأزمة الاقتصادية؛ واليوم أصبح بإمكاننا أن نقول إنّ الأزمة اللبنانية قد سلبت فرحة العيد، وحوّلتها إلى حرقة قلب تملأ قلوب الأهل وقلوب الأطفال.