طلاب الجامعات في لبنان، ولا سيما طلاب الجامعة اللبنانية، فاض كأس معاناتهم. يبدأ العام الدراسي في الجامعة اللبنانية كل سنة بصعوبات كبيرة تتفاقم بانتهاء العام الذي يمضي على الطلاب بشق الأنفس وسط إضرابات وغيرها من المشاكل.
لا تقتصر حال هؤلاء على المعاناة داخل الجامعة فقط، بل معاناتهم تشمل رحلة حياتهم اليومية من وإلى الجامعة. رحلة الذهاب إلى الجامعة يوميًا تعد رحلة مَشقة للطالب اللبناني خصوصًا الطلاب المقيمين في مناطق بعيدة عن مقر جامعاتهم، علمًا أن معظم جامعات لبنان تقع مقراتها الرئيسية في العاصمة بيروت. فرحلتهم مكلفة لناحية الوقت والمال بشكل كبير وتفوق ميزانية الطالب المعتادة. لذلك نرى أن غالبية الطلاب يشغلون وظائف بدوام جزئي وأجور بسيطة كمحاولة لتأمين هذه المصاريف ومواكبة الغلاء المتزايد، إلى جانب دوام جامعاتهم الطويل والمرهق. وإن اتخذ أحدهم خيار السكن الجامعي فذلك أيضًا مكلف نسبة إلى ارتفاع بدل الإيجار للطالب الواحد في المساكن الجامعية. أما في ما يتعلق بحال الطالب داخل الجامعة وخصوصًا الجامعة اللبنانية، فالوضع يتراجع باستمرار. الجامعة اللبنانية تعاني من نقص في اللوازم على كافة الأصعدة. أزمة أوراق، معدات، كهرباء، صيانة. على سبيل المثال الكليات التي تتطلب مختبرات وتجهيزات مثل كلية العلوم والطب ينقصها تجهيز كامل وميزانية الجامعة اللبنانية غير قادرة على تأمين أي منها. عدا عن مشاكل التيار الكهربائي غير الموجود بسبب عدم توفر المحروقات. والمشكلة الأبرز إضراب الأساتذة في الجامعة اللبنانية لعدم دفع مستحقاتهم. ما أدى إلى إيقاف التعليم في الجامعة اللبنانية مرات عدة.
بالعودة إلى الرحلة اليومية للجامعة والمصاريف الباهظة، لا يتمكن الطالب اللبناني من الوصول إلى صفوفه أو عمله بشكل اعتيادي وفي الوقت المحدد. أزمة السير الخانقة التي يعاني منها لبنان لا تزال عائقاً، خصوصًا أن معظم الطلاب يتنقلون بواسطة النقل المشترك أو سيارة الأجرة أي قضاء وقت إضافي على الطريق. حيث يقضي الطالب اللبناني كسائر اللبنانيين أولى ساعات نهاره عالقًا بين السيارات، وإن أراد الوصول إلى موعده من غير تأخير، ربما عليه الانطلاق "برحتله" عند الفجر.
وأزمة السير في لبنان ليست بجديدة، فهذه المشكلة وجدت منذ عقود نتيجة خطط السير الركيكة والبنى التحتية التي لم تواكب عدد السيارات المتزايد مع مرور السنوات، وعدم وجود صيانة دائمة، خصوصًا قبيل فصل الشتاء من كل عام، والعمل على تصريف مياه الشتاء بشكل سليم، حيث تغلق الطرقات والأنفاق سنويًا بسبب تجمّع المياه. وقد جرى الحديث سابقًا عن حلول متعددة لهذه الأزمة المتشعبة الأسباب، إلا أنها لم تنجح. وخير دليل على ذلك هو أننا ما زلنا نعاني إلى اليوم من زحمة السير الخانقة.
وما بين التسابق مع الوقت كل يوم والسعي إلى بناء مستقبل أفضل، يبقى الطالب اللبناني معلقًا. ولكن إلى متى؟