طال غياب الكتابة وقصُر النهار. إلا أن "النهار" لم تقف عن نشر الخبر ونشر رائحة الورق والحبر معا كما ونشر حرية الفكر ذي الرائحة الطيبة ولو عبر شاشة الحاسوب. إلا أنه ولو طال الغياب نجتمع معاً من جديد.
وها هي بعض السطور التي كتبتها اليوم تعبر عن مبادئي ومواقفي ومشاعري في الحياة أمام القرارات البسيطة أحياناً والتي تنتظر جواباً مني. وهنا أستعين بكتاب الله، بالإنجيل المقدس الذي استمددنا منه القيم والمبادئ والدين، فما الدين إلا أخلاق، والأخلاق دين.
إنجيل متى الإصحاح الخامس والعشرون:
«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. 28فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
"العبد الثالث صاحب الوزنة الواحدة فقد طمرها ولم يستثمرها مع الآخرين. يصفه السيّد "بالعبد الشرير والكسلان" على عكس "العبد الصالح والأمين" صاحب الخمس وزنات والوزنتين. لقد كان ناكراً للجميل وغير أمين، لقد وضع حجَّة هي خوفه من السيّد الذي "يحصد من حيث لم يزرع ويجمع من حيث لم يبذر".
من هنا فهمت في لاوعيي هذا النص وعملت به وهو أن أناساً كثيرين سوف يؤمّنونكم على خدمات تعملونها أو أمور أخرى لربما منطلقة من واقع استغلال لقدراتكم ومهاراتكم العقلية والذهنية التي أعطاكم الله إياها مجاناً، وهم بذلك يشبهون السيد الذي يحصد من حيث لم يزرع ويجمع من حيث لم يبذر، أي يستغل كل واحد قادر أن يزرع ويحصد مكانه لكي يصل إلى الهدف المنشود وما أكثرهم في هذه الأيام. من رب العمل إلى الصديق الذكي المتذاكي إلى أقرب المقربين بسبب صلة القربى وصلة المحبة المبتذلة عندما تتكون وتلتقي بمصلحتهم. وإذ ذاك استغلال للشخص الفهيم ذي الطينة الحسنة أو الأمين لربه، إلا أن الرب قال أيضاً "وإن سخرك أن تمشي معه ميلاً فاذهب معه ميلين". وكما فهمت من تعليمي الديني الطويل وإن كان ينوي استغلالك في هذا الطلب إذ أن المحبة مفقودة، لا تمنع عنه الخير أي لا تمنع عنه القدرة بالاستفادة من شيء فيه خير وبر في نفس الوقت إن كانت خدمة لا تضر بك وكنت قادراً على أن تساعد بها رغم أنك عارف لقلب هذا السيد المسكين الذي يعتقد أنه ذكي جداً وأنك غبي جداً بسبب طيبتك، اذهب معه هذا الميل المضاف إن لم يكن فيه سوء نية أم أذية لشخصك وللآخرين المرتبطين بهذه الخدمة، إذ قال لك أيضاً "كونوا حكماء كالحيات".
إن المعرفة ذكتها الحكمة، والتمييز له دور كبير جداً في هذا الصدد، إذ نتعلم أين نقول نعم لنا ولله ولهم وأين نقول لا لنا ولهم، إذ بقولنا هذا نكون حكماء كالحيات إذ نقول نعم لله.
"إن الله أعطى كل شخص مواهب مختلفة، فمن عرف استخدامها تضاف له مواهب فوق مواهب أو رضى الله أو الخير الشخصي أم العام أم الاثنان معاً، فهذا كاف. فأي فضل لنا إذ إن الله أعطانا العقل والحكمة والفهم والذكاء، فأي فضل لنا بذلك إن قلنا نعم لله بشرط عدم التسبب لنا بالأذى المادي أو الفكري أو المعنوي وعدم التسبب للآخرين بالأذى طبعاً وبذلك لا نمنع الخير. "مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا".
إذ أكتب هذا المقال أدعو للمستغلين بالاستقامة ولطيبي القلوب بالصبر عند افتقاد محبة البشر والله هو المعين.
"واللبيب من الإشارة يفهم".