صدر في دمشق كتاب قراءات في المشهد الفلسطيني للكاتب الفلسطيني محمد أبو شريفة.
احتوى الكتاب على سبعة عشر مشهداً ومقالات في الوضع العربي والدولي والإسرائيلي. حاول الكاتب من خلالها إيجاد مقاربات مختلفة لكثير من الأسئلة التي تعصف بالمشهد الفلسطيني.
أ. المشهد العاشر
إعلان الفشل الصريح لإنهاء الانقسام
يعدد الكاتب جملة من الأسباب التي أدت ولا زالت تعرقل إنهاء الانقسام الفلسطيني، لكنه يقع في حفرة الخطأ عندما يقول (وأمام المشروعين التفاوضي والمقاوم وجدت الحركتان نفسيهما في حفرة عميقة ولا بد من الخروج منها).
يعتقد الكاتب من خلال هذا الاستنتاج أن حركة حماس هي وحدها من يقود مشروع المقاومة وهو بذلك ينفي أو يقلل من أهمية وجود فصائل فلسطينية لها تأثير كبير في الشارع الفلسطيني، وتعتبر نفسها جزءًا أصيلاً من مشروع المقاومة.
النقطة الأخرى التي يجب فحصها وقراءتها جيداً ومن واقع التجربة لحركة حماس والتي جرى ويجري نقاش داخل صفوفها كيف يمكن لحركة مقاومة أن تزاوج بين قيادة سلطة لها التزاماتها الداخلية والخارجية والمقاومة المسلحة ضد الاحتلال. وقد شهدنا فيما مضى كيف أن حسابات الحركة منعتها من المشاركة في معركتين خاضتهما الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة في غزة.
أعتقد أن مغانم السلطة وما تحققه من مكاسب لكلا الحركتين بالإضافة إلى الدور الإقليمي والدولي سيبقى عائقاً مهماً أمام تحقيق أي مصالحة فلسطينية في المستقبل القريب ما لم يحدث أي تغيير دراماتيكي، إن كان على مستوى الشعب الفلسطيني الذي يستطيع قلب المعادلة أو اتفاق إقليمي كبير يفتح الطريق أمام المصالحة الفلسطينية. بانتظار هذه التغيرات التي قد تطول أصبح لزاماً على القوى السياسية الفلسطينية اجتراح الحلول وإيجاد مقاربات جديدة تخفف من وطأة ونتائج هذا الانقسام المدمر. فلنبدأ بخطوات تنسيقية تكاملية بين السلطتين لإدارة أوضاع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفق صيغ متفق عليها كمقدمة لإنهاء الانقسام.
المشهد الرابع عشر
الضفة والقدس على مفترق انتفاضتين
منذ سنوات وأمام حالات الحراك الشعبي الفلسطيني في الضفة الفلسطينية والقدس يجري الحديث عن انتفاضة فلسطينية ثالثة لكنها لم تحدث، رغم وجود درجة عالية وغير مسبوقة من الحالة التضحوية للشباب الفلسطيني. السؤال الكبير ما الذي يمنع حدوث هذه الانتفاضة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال الإشكالي والذي تتفرع عنه مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بميكانيزم الحالة الشعبية التي لا يستطيع أحد تحديد توقيت لها للقيام بهذا الفعل الكبير، لكن في المقابل نستطيع أن نقول إن حالة التشظّي والانقسام والتراجع في الأطر التنظيمية للفصائل الفلسطينية التي من المفترض أن تقود أي انتفاضة فلسطينية قد أصابها الوهن ولابد لها من إجراء مراجعة شاملة لكل أوضاعها ونفض الغبار عنها لتتقدم الصفوف.
هناك جسم تنظيمي كبير في الحالة الفلسطينية وما زال الرهان عليه كبيراً لقلب الطاولة وإحداث تغيير في كل المشهد الفلسطيني (حركة فتح) بدون مشاركة هذا الجسم ستبقى الضفة والقدس محكومة بعمل فردي لا يرتقي إلى مستوى المواجهة الشاملة مع الاحتلال.
انطلاقاً من هذا المشهد السياسي الفلسطيني وتعقيداتة طرحت الجبهة الشعبية مبادرة أعتقد أنها الأصوب لتشكيل جبهة مقاومة واحدة موحدة تقود العمل المقاوم على امتداد مساحات الوطن بغض النظر عن الاختلافات السياسية بين مكونات الشعب الفلسطيني.
الكتاب احتوى على مشاهد متعددة ومقاربات متعددة قد تختلف مع صاحبها وقد تتفق، لكنه حاول إيجاد أجوبة لمشاهد فلسطينية وعربية ودولية وإسرائيلة غاية في التعقيد نتيجة التشابكات الكبيرة في ما بينها.