لا تستطيع وأنت تتابع لوحة فنية تجذبك للوهلة الأولى أن توقف قلمك عن وصف هذا الإبداع، تماماً كما يحصل مع المسلسل السوري "الزند"، تأليف عمر أبو سعده، إخراج سامر البرقاوي.
بالرغم من أن الحكم المسبق والحديث عن الأعمال الدرامية الرمضانية منذ البداية هو مجازفة وظلم بحق العمل كاملاً، لكن ما يحدث مع "الزند" هو حالة استثنائية تحتاج للوقوف عندها والحديث عن العمل الذي يغرد خارج السرب وكأنه يمثل نهر العاصي ـ الذي يتدفق إلى الأعلى بينما الأنهار كلها تنحدر إلى الأسفل ـ.
وقد أثبت للمشاهد أنه يحمل الفن الحقيقي الذي يستحق أن يكون الوجبة الرمضانية الرئيسية للصائم.
وبدا هذا واضحاً بالإجماع على المشاهدة بعدما تصدّر العمل الترند للأسبوع الأول للموسم الرمضاني في الوطن العربي، بعد أن انجذب المتفرج من المشاهد الأولى التي تعرف العمل من خلال العناصر البصرية الملائمة، وشارتي البداية والنهاية اللتين تعبران عن تراث معين وهو الساحل السوري (ريف حماة الغربي، اللاذقية، طرطوس).
تحمل الشارة التي قادها آري جان، وغنتها مها الحموي مقطوعة غنائية تسمى (الموال) وهي معروفة لدى الشعب السوري كله. وتشكل حالة وجدانية خاصة لا يعلم بها إلا أهل المنطقة، غير أنها تطرب من يمتلك الأذن النظيفة.
مع بدء انطلاق الماراثون الرمضاني في المسلسلات السورية، استطاع "الزند" أن يجبر الحاضر على أن يُعلم الغائب لمتابعة هذه الحبكة الدرامية التي نستطيع تسميتها البيئة الساحلية، لتصوّر لنا البساطة التي كان يعيشها سكان هذه المناطق والرجولة والبسالة التي يتمتعون بها.
ربما يحاول مخرج سلسلة الهيبة، والكاتب أبو سعده أن يصورا تاريخ الساحل السوري والخروج من عباءة البيئة الشامية التي دخلت إلى السوق الرمضانية من بابها الجميل، والآن أصبحت تشكل حالة مملة لدى الجمهور السوري كونه يعيش نفس الأحداث في كل رمضان عبر عملين أو أكثر، وكلها تندرج تحت السيناريو نفسه، لكن بصيغة مختلفة.
هكذا، استطاع "الزند" أن يدخل إلى الساحة بقوة ويعزز ثقة المشاهد ويحترمه، كما أنه على دراية بتأثير النجم السوري تيم حسن على المتابعين: (لنقل الرمضانيين مثلاً) وأدواته التي يعرف كيف يستخدمها مع أولاد بلده ليكون قريباً منهم عبر شاشتي التلفزيون والهاتف الجوال.
العمل يضم كوكبة من الممثلين الذين يساندون الحسن، كأنس طيارة مثلاً الذي لا يسلم صيته الطيب والإشادة بالأداء بالانتشار من قبل الجمهور على مواقع التواصل،
ينضم إليه أيضاً: فايز قزق، وجرجس جبارة، ونانسي الخوري، ودانا مارديني، ورهان القصار، وفيلدا سمور، وباسل حيدر، ونهال الخطيب، ومازن عباس، وبيدروس برصوميان، وفؤاد وكيل، ووسام رضا، ويارا خوري، وسارة فرح.
نذكر مرة أخرى أن الحكم أو الرأي المسبق على الأعمال الثلاثينية، هو ظلم للعمل سواء نجح في التجربة أو فشل مؤخراً بها.
لكن "الزند" سيدفع كل من يملك قلماً حقيقياً للكتابة.