النهار

شكراً لعاملِ قطع الكهرباء
المصدر: النهار - مصعب الشيخ علي
شكراً لعاملِ قطع الكهرباء
نحن الذين كنا نستيقظ على صوت فيروز القادم من الشبابيك
A+   A-
نحن الذين كنا نستيقظ على صوت فيروز القادم من الشبابيك، ونغفو على أنغام أغاني أم كلثوم الخارجة من أبواب المقاهي العتيقة وهي تغلق أبوابها بينما تتابع النقاشات عن شعر فولتير ومبادئ الاقتصاد السياسي لدى آدم سميث ولوحة العشاء الأخير لدافنشي، ونحضر كل يوم جمعة ما كان قد كتبه ممدوح عدوان من فنتازيا التاريخ العربي للتلفزيون، ونودّ أن نرفع اللافتات ونركض بها في الشوارع كما كان يركض ياسر العظمة وهو يحمل لافتتهُ الشهيرة "أنا مسرور جداً ومتفائل"، وننتظر أيام الصيف كما ينتظر المسافر العائد من الحرب عربة القطار، حيث نذهب في البساتين والكروم التي تشدو فيها أصوات الطيور ممزوجة بأصوات عبد الوهاب وصباح فخري ومحمد عبد المطلب. نريد أن نعرف حالاً من يقف وراء كل هذا الخراب، ويجبرنا على تلويث أجمل ذكرياتنا بألذع ما لديه؟
بالعربجي
بكسر عظم
بمال القبان
بولاد بديعة
بتاج
بتكات
بالشامي
بفايا يونان
بمحمد رمضان
وبعزيز صادق حديد
كما يهمّنا أن نعرف، هل غياب "باب الحارة" عن الشاشة في هذا العام هو دلالة عن انفراجة ما، أم أنه خيار استراتيجي موقت كما هو معهود عن العرب منذ عقود؟ وهل وصلت مجتمعاتنا العربية إلى حالة من الرّخاء والتّرف حيث لم يعد لديها ما تعالجه من أزمات ومصائب تحل بها من كل حدبٍ وصوب، حتى تتفرغ للاسترخاء مع فرقعة الفشار ومتابعة السينما التي يدخل فيها البطل من أحد الجدران ويخرج سليماً معافى من الجهة الثانية كما في الأفلام الهندية، وذلك في مرحلة من أشد المراحل حساسية وخطراً لها وعليها؟
وإنني إذ أقف أمام هذا المشهد المريع دون الحصول على أي جواب، لا يمكنني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لوزارة الكهرباء والطاقة على ساعات التقنين الطويلة التي نعيشها ونعود فيها إلى ذلك الزمن الغابر من العصور الحجرية، حيث لم يكن هنالك صورٌ ترى غير المناظر الطبيعية، ولا أصوات تسمع غير حفيف أوراق الشجر وخرير الماء.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium