إن فشل النظام الصهيوني في ضرب المقاومة في غزة والوقوع في مستنقع حرب الامتيازات دفع قادة النظام الصهيوني إلى اللجوء إلى استراتيجية "الألف خنجر" للهروب من الضغوط الداخلية والخارجية.
وبطبيعة الحال، فإن هذا التحول الاستراتيجي يعني هزيمة العدو في الميدان و كتب مركز أبحاث أتلانتيك أن إسرائيل تضيف إلى نماذجها التكتيكية، بينما فشلت استراتيجيتها تجاه إيران و هناك فجوة متزايدة بين تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين والحقائق على الأرض و قبل فوات الأوان، لا بد من تبني سياسة متوازنة تأخذ في الاعتبار وضع البرنامج النووي الإيراني!
والآن يمكننا القول إن نظرية تقريب إيران من الحرب صحيحة، لكن أمثلتها خاطئة و تتطلع إسرائيل إلى تورط إيران مع أميركا، لأنها تعلم أن التورط مع إيران يكلفها الكثير و في الوضع الحالي حيث تقاتل "حزب الله" وحماس على جبهتين، فإن الحرب مع إيران ليست منطقية و لذلك فإن مبدأ سعي إسرائيل لإشراك إيران مع الولايات المتحدة مستمر منذ سنوات عدّة، و هذا لن يحدث مع اغتيال المستشارين العسكريين و تحاول إسرائيل توريط إيران وأميركا في الحرب في العديد من القضايا.
والسؤال الرئيسي هو لماذا استشهدت إسرائيل هؤلاء الأشخاص ذوي النفوذ؟ في الإجابة الأولى ينبغي الانتباه إلى التسلل والإجابة على هذا السؤال: من الذي أعطى إسرائيل المعلومات اللازمة لقتل هؤلاء الأشخاص بهجوم صاروخي على مبنى القنصلية؟ لأن نتيجة اكتشاف النفوذ الإسرائيلي في سوريا مهمة جداً.
والسؤال الآتي هو ما إذا كانت إسرائيل تسعى إلى تأكيد قوتها ضد إيران من خلال هذا الإجراء. رداً على ذلك، يمكن القول إنه على الرغم من نفي إيران دورها في هجوم حماس يوم ١٥ أكتوبر، إلّا أنه يبدو أن إسرائيل لا تزال تسعى للانتقام من إيران. بالإضافة إلى ذلك، هناك سبب آخر وراء قيام إسرائيل بهذا العمل الإرهابي و هو رفع الروح المعنوية لقواتها في الداخل، لأنه في الأشهر القليلة الماضية، تلقى الجيش والقوات الاستخباراتية والعملياتية الإسرائيلية ضربات كبيرة و لذلك حاولت إسرائيل أن تظهر للرأي العام أنها رغم كل الضربات المهمة التي تلقتها، فإنها لا تزال قادرة على ضرب أعدائها. إن إسرائيل لا تشعر بالقلق من عواقب أعمالها الإجرامية بسبب الدعم الذي حظيت به و تحظى به من الولايات المتحدة، لذا فإنها ستستمر في هذه الأعمال الإرهابية حتى تواجه إجراءات حاسمة وفعالة.
ومن قرأ تاريخ السياسة العالمية يعرف أنه في عالم السياسة، من المستحيل أن نؤمن بالسلوكيات والأقوال و أن نحلل السلوكيات و الأقوال الخارجية للحكومات و الجماعات و الأفراد ونصل إلى نتيجة.
أمّا في السياسة فلا ينبغي للمرء إلا أن ينظر إلى من يقطف ثمرة الشجرة! فقال العجوز: "لا تنظر إلى من غرس الشجرة و من سقاها! تعرف على من يستفيد من المنتج لتعرف المالك الأصلي للشجرة"!
وفي جوهر الأمر يجب أن نسأل أنفسنا، بعيداً عن المعتدي من هي إسرائيل و المبادر أين تذهب فائدة هجوم دمشق؟ وفي هذه الأثناء كان هناك مخبر ومخبر لإسرائيل أبلغ إسرائيل بالضبط بمكان وزمان اللقاء والشخصيات الحاضرة في اللقاء، لأن وسائل اتصال قادة فيلق القدس والمرتبطين بهم مغلقة بشكل كامل. تم التحقق منها ومتابعة الأمور الأمنية بشكل كامل وهناك إمكانية لتتبّع الاجتماعات السرية و قوة القدس و القادة الحاضرين في الاجتماع عبر الهاتف و اللاسلكي و وسائل الاتصال الأخرى تكاد تكون معدومة.
وينبغي أن نتساءل ما هي الأطراف التي كان من الممكن أن تكون على علم بهذا اللقاء وأبلغت إسرائيل به؟
١. منطقة قيادة فيلق قوة القدس في سوريا و نظراً للعمل الأمني في حماية معلومات فيلق القدس، فإن احتمال وجود جاسوس إسرائيلي في هذه المنطقة منخفض نسبياً (رغم أنه ليس مستحيلاً).
٢ . دائرة المخابرات الأمنية التابعة للحكومة السورية في هذه الحالة، فإن احتمالية تسريب هذا الاجتماع إلى إسرائيل من قبل دائرة المخابرات والأمن السورية منخفضة بسبب الطبقات الأمنية لقادة فيلق القدس وعدم الثقة الشديد في قوة القدس للعناصر (ومع ذلك، فإنه ليس مستحيلاً).
٣. قيادة الجيش الروسي في سوريا! على مر التاريخ تتمتع روسيا بتاريخ من كونها غير جديرة بالثقة وتستبدل الانتقادات بالائتمان، و الآن إذا ارتكبت إيران خطأً في الحسابات وشنت إيران هجوماً صاروخياً انتقامياً مباشراً على إسرائيل، ثم دخلت إيران في حرب واسعة النطاق مع الناتو فإن الثمرة ستكون من هجوم اليوم ستختار روسيا لأن روسيا عالقة في مستنقع أوكرانيا بإسقاط مئات الآلاف من الضحايا و أملها الوحيد هو إشراك الناتو في جبهات أخرى في دول أخرى حتى يتوقف ضغط الناتو على روسيا في حرب أوكرانيا يتم تخفيض.