أشتاق لك يا من تراه عيني بالمرآة!
إنني أعشق أصغر تفاصيلك وأفتخر بأكبر عيوبك. لا أعلم إن كنت أنت تعلم كم إنني مغرمة بك. ما أجمل وجهك المرصّع بالحبوب، وما أروع علامات التمدّد التي زيّنت زوايا جسدك...
من هي تلك الفتاة التي أراها؟
هذه هي أنا، عنيدة لكن دمعتي قريبة، أسامح لكن صعبة النسيان. أحب بسرعة لكن مستحيل أن أكره، أتظاهر بالقوة ولكنّني من الداخل طفلة. وإذا تحدثت عما يؤلمني تدمع عيناي بسرعة. فتاة مجروحة ومكسورة، ترسم البسمة على وجه الجميع ولا تعلم كيف ترسم بسمتها. تتكلم عن أمور كثيرة وتنصح الجميع ولا تتّبع أي نصيحة لمساعدة نفسها.
كبرت في أجواء عائلية لبنانية، على يديّ رجل حنون وامراة محافظة. ارتويت من حنانهما وتذوّقت معنى الأمان من يديّهما. أجمل الذكريات حفرت على مرآة الذاكرة كانت معهما، لم أحتج إلى شيء طالما كانا بقربي. يعملان بجهد لكي لا أحزن وأشعر بالوحدة والتعب، ولكن مع الأسف الحياة كانت ظالمة وغلبت كل تعبهم واحتضانهم لي. أفواه الناس لم تصمت، نظراتهم لم تنطفئ، كل هذا دمرني وأعدم رغبتي بالمناضلة والاستمرار. ما أبشع تلك الأيام، كل ما أتذكرها يخفق قلبي وتدمع عيني لأن الجرح يعود وينزف. أيام أمضيتها وأنا محبوسة بين أفواه الناس المتنمرة. حياتي المدرسية أتعبتني لأن ساكني هذه المدرسة كانوا مؤذين، ينظرون إليّ وكأنني كائن غريب. حملت لقب الفتاة السمينة، القبيحة، الغريبة الأطوار،... طوال هذه الأيام. كنت أجلس وحيدة في الصف لكي لا ألهو عن الدراسة وأهرب من عيون المتنمّرين.
أتعلمون ما فعلتم بي عندما لم تلقوا عليّ السلام لأنكم تقرفون من وجهي المليء بحب الشباب، وعندما تضحكون على أسئلتي وكثرة اهتمامي بدراستي. كلمة ثمينة كانت تشعل نار داخلي عند سماعها، نظراتكم الغريبة كانت توجعني. كنت أعتقد أننا عندما نكبر سيتغير كل شيء، وطبعا كنت مخطئة لأنها ازدادت. رسبت لأن تنمّركم جعل فمي يخاف الاستفسار. أُعدمت علاقتي مع أهلي، لأنني لم أعد أثق بأحد واعتبرتهم كاذبين ولا يحبونني ويقولون لي إنني جميلة فقط لأنني إبنتهم. أوقفت جميع نشاطاتي، وعلاقاتي الاجتماعيّة ودفنتها بدموع وتنهدات وحدة الليالي. صدقتُ كل كلامكم الفارغ وأقنعت نفسي إنني فاشلة ولا يمكنني النجاح والوصول إلى أعلى المراكز.
أنتم صنعتم نعش أحلامي بكلامكم الجارح وخيّطم كفن هواياتي بنظراتكم. أعدمتم حبّي لنفسي ولكل ما حولي.
اليوم أقف أمام المرآة وأبتسم، لا أرى سوى فتاة حقيقيّة محافظة على تكاوين نعمة الله لها. لم أعد أرى مشاكل بشرتي ولا أنزعج من سُمنتي، أتقبل نفسي بجميع حالاتي لأنني أعلم من هي الفتاة التي أراها. كل يوم تزداد ثقتي بها وبكل قرارتها. أتفهم أغلاطها وأعلم سببها، فحولت كلامكم القاتل لسلاح أقتل به مخاوفي. أنتم سبب سعيي للنجاح والاستمرار، أشكركم على تنمركم علي لأنكم صنعتم أجمل وأنجح نسخة مني.
لم ولن أتغير، أعامل الناس كما يعاملونني. أحبوني، أحببتهم! اهتموا بي، اهتممت بهم! أهملوني أهملتهم! لن أندم على فراق أحد، ولن أعمل بجهد لكي يتقبّلني أحد. فمن يريدني سيتقبلني بكل حالاتي. فتعبت من حفر مكان لي بقلب الناس.
التنمر سجن مؤبد، حبل مشنقة الإعدام!
يا أيها المتنمرون المجرمون، أنتم لا تعلمون مدى الوجع الناتج منكم. فكفى من زرع عقده نفسيه للناس بسبب لسانكم الفاسد.
ألم يحن الوقت لقتل العقليّة المتنمرة؟