النهار

عشقت دجى الليل واختبأت في ظلمته، تأملت نجوم الليل وكلمت ظلالها. أنت وحدك سمعت كلماتي وصوت تنهداتي، لأن عينيك هي مسكني.
‎ لست واقعة بالحب ولا مغرمة، بل إنني أعشق أبا العيون العسلية.
‎لأول مرة أغرق بمحيط بعيد عن هذا العالم دون خوف.
‎فمنذ النظرة الأولى وعيناي تحلمان به، وجهه غريب لا يمكنني أن أصف جماله. والذي لفتني هو وحدة عينيه العسليتين، كنت أتأمله من بعيد، فعلى مدى جماله توجد قصة غريبة حزينة غامرة تلك الشاب الوسيم. كنت خائفة من التقرب منه، لا أعلم إن كان سينزعج. جالس وحيداً يتأمل الشمس وهي تلملم أشعتها لكي تغفو على عرشها السماويّ. اقتربت وجلست بالقرب منه دون أن أتكلم، مرّ الوقت ولم تتجرأ العينان على تلامس. كنت أكلم نفسي وأطبطب جراحي الداخلية، فغدرتني دمعتي وشقت طريقها بصمت على خديّ. فقال لي: كل شيء فانٍ، فما نفع الدموع. فبدأ يكلمني وينصحني، تحدثنا عن أمور غريبة لم أكن أتوقع التكلم عنها. مرّ الوقت بسرعة ولم أشعر بملل، كلامه عميق ولكن غامض. وهو يكلمني ولغة العيون تروي لي مدى حزنه، وكأن هموم الحياة كلها تقع على ظهره. صوته فيه غصة، يداه قاسيتان وكأنهما تريدان أن تكسرا حاجز الحزن الفاصل بينهما وبين الحياة. كان قلبي يخفق بسرعة وأنا جالسة بقربه، أحاسيس غريبة غمرتني.
‎ لم أكن أريد أن تلبس الدنيا حلتها السوداء، لأن عندها سينتهي لقاؤنا. سألت نفسي ما بك غارقةٌ في عينيه وسارحة بين كلماته. فأنتِ تعلمينَ أنه لقاء لمرة واحدة. قواعد حياة الإنسان السعيدة تقول "عيشي اليوم وكأن الغد ليس آتياً، اغرقي بجمال اللحظة فهي مرّة واحدة آتية". فلا أعلم إلى من سأستمع إلى قلبي أم إلى عقلي. فهما يعملان بعكس بعضهما وهذا أتعبني.
‎ففي تلك اللحظة تأكدت أن الإعجاب هو أحاسيس وأوهام تسكن عقل الإنسان وتقيد تفكيره. الحب هو روح تسكننا. الجميع لا يعلم الفرق بين الإعجاب والعشق والغرام... وعنوانهم هو الحب وهو عالم فلسفي يبعد الإنسان عن عالم الواقع وينفيه بعالم الخيال.
‎وهنا أسأل نفسي ما كانت تلك الأحاسيس تجاه هذا الشاب الوسيم؟ لأن مثل ما يقال ليس كل ما يعجبني أحبه وليس كل ما أحبه يعجبني.
‎أهنالك حب من النظرة الأولى أم إعجاب؟