النهار

النهار

بومةٌ في صدري
لو يُعطينا الوطن نصف ما نعطيه". جملةٌ قالها لي صديقي عندما كُنّا نتكلم عن مستقبلنا في لبنان. أرى في سعي صديقي المثابرة والوطنيّة والانخراط في الأعمال
A+   A-
"لو يُعطينا الوطن نصف ما نعطيه". جملةٌ قالها لي صديقي عندما كُنّا نتكلم عن مستقبلنا في لبنان. أرى في سعي صديقي المثابرة والوطنيّة والانخراط في الأعمال التطوعيّة والرؤية الإصلاحيّة السياسية. كيف لا؟ وهو الشّاعر الوطني المرهف، من يصدح صوته دائماً بقصائد وطنيّة يقيتها من دمه وعافيته. لكن، أرى المستقبل المجهول يحلّق في الأفق القريب. كتمت هذه الرؤية، وأثنيت على رؤى صديقي في غدٍ أفضل.
تتزايد حدّة مؤشر البطالة في لبنان يومًا بعد يوم، ولا تُرى بوادر الإصلاح الاقتصادي من قِبل المسؤولين. وقد أشار مقال اليونيسيف أنّ معدّل البطالة بين الشّباب والشابات في لبنان 47.8 في المئة في عام 2022. هذا وبعض المصادر تشير إلى كسر حاجز 60 في المئة في عام 2024. معدّلات البطالة المرتفعة هذه تدل على سوء الوضع الاقتصادي، إذ تشير إلى انخفاض الإنتاج الاقتصادي، فالعاطل عن العمل يقع في دوامة الاستهلاك في ظل انخفاض الإنتاج، ما يؤثر على المواطن والمجتمع ككل.
أمّا هذا المواطن فهو ذكي ومثقّف ومتفوّق، فالكثير من الأدمغة تتخرّج سنويًا من أفضل الجامعات في لبنان. لكن البيئة المُثقلة بالعبءِ الاقتصادي وغياب القرار السياسي، لا تَرعى هذه الأدمغة، ما يدفع الكثير من الشّباب إلى الهجرة حالمين بغدٍ أفضل. أشارت دراسات في عام 2020 أنّ 44 في المئة من الخرّيجين عاطلون عن العمل. هذا ما يجعل مشكلة الشباب في لبنان مشكلة معقّدة ومتعدّدةِ الأوجه، تتطلب حلولًا وقراراتٍ صارمة.
تقع المسؤوليّة على الحكومة والمؤسّسات التّعليميّة في تأمين التوجيه للخرّيجين من خلال استقطاب رؤوس الأموال لبِناء أفكار ومشاريع تحقق ما لديهم من خُطط تنمويّة إصلاحيّة عبر ريادة الأعمال. وعليه، يجب معالجة سوق العمل وتكثيف الدراسات عن الوظائف المطلوبة، وتأمين مشاريع لصقل وتدريب الخريجين. بالإضافة لذلك، يجب إعطاء أهميّة أكبر للمعاهد والتركيز على تنمية مهارات الطّلاب لتتوافق مع متطلّبات سوق العمل، وبهذا يُمنح الشباب الثقة وتمهّد الطريق للغد الأفضل.
في الختام، تحدي البطالة يمكن تجاوزه بالرؤى الإصلاحيّة التّنفيذيّة.
هناك طاقات هائلة في لبنان، أهمّها الشباب الّذين هم عصب الوطن ونبضه وخلاصه.
سأظل أُخرسُ البومة التي تقرع في صدري، كما أخرسها من قبل الشاعر خليل حاوي، وسأظلّ أستمع لصوت صديقي الشاعر ينادي: عاش لبناني.. عاش لبناني..



الكلمات الدالة