تعتبر الاكتشافات البترولية عمود أساس في تطوير الدول وتثبيت موقعها على الصعيد الدولي من حيث أهميتها السياسية والاقتصادية التي تعزز علاقاتها الاستراتيجية باعتبارها المصدر الرئيسي للطاقة والمؤثر الأول على الاقتصاد العالمي.
إن الأهمية الاستراتيجية للبترول خاصة في الوقت الحالي بعد زيادة الطلب عليه بسبب الأزمات والحروب التي ضربت المنطقة، جعلت من لبنان والشرق الأوسط الغني بالغاز الطبيعي محط اهتمام إقليمي ودولي نظراً لمنافعه المتعددة، إلى جانب تأثيره البيئي المنخفض مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى. وقد برزت هذه الأهمية خاصة بعد التوجه العالمي اليوم لوضع خطة للتقليل من الآثار البيئية المنبعثة من مصادر الطاقة تدريجياً، وصولًا إلى الطاقة البديلة التي سوف تكون مساعداً أساسياً مع مصادر الطاقة المعتمدة وليس بديلاً عنها.
تشكل الخلافات السياسية سبباً أساسياً في عرقلة عملية استكشاف البترول في لبنان، حيث تعاني المنطقة من وضع إقليمي متوتر، الأمر الذي عرقل مجدداً عملية إكمال هذا الملف، خاصة بعد الضغط الخارجي الذي فرض على الشركات العاملة في بلوك 9 والنتائج السلبية التي حصل عليها لبنان. وتعمل هذه الشركات بدورها وفق المصالح المرجوة للاستفادة قدر المستطاع من هذه الثروات، إلى جانب اعتمادها في العديد من الأحيان كأداة لتنفيذ السياسات الخارجية للدول التابعة لها، مع أخذ العلم أن مسار القطاع في لبنان متأخر بمراحل مقارنة مع الدول المجاورة التي بدأت تحجز موقعاً لها في الأسواق العالمية.
هذا بالإضافة إلى تأثيرالبترول على الأمن القومي، حيث إن ثروة لبنان النفطية قادرة على تلبية احتياجات لبنان الطاقوية مع توخي الحذربالنسبة لعلاقتها المباشرة بالتبعات الاقتصادية والسياسية لتقلبات أسعار النفط وتوترات الإمدادات، بالإضافة إلى الحيثية السياسية التي سوف يكتسبها لبنان. يمكن اعتماد البترول أداة للتأثيرعلى الدول الأخرى من خلال الإمدادات والأسعار، إلى جانب أهميته على الصعيد الاقتصادي في لبنان. فعلى الدولة أولاً الاعتماد على نظام اقتصادي مواكب لهذه الثروة للاستفادة من الإيرادات التي تسهم في تمويل النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية، ما سوف يؤدي إلى جذب الاستثمارات وتحفيز النشاط الاقتصادي على القطاعات المرتبطة. كما لا يمكن غض النظر عن أهميته الاستراتيجية في التكنولوجيا والصناعة إلى جانب قطاع النقل الذي يلعب البترول فيه دوراً حيوياً من خلال تأثيره بشكل مباشر على قدرة لبنان على مجاراة الدول التي تمتلك احتياطات كبيرة من البترول حيث إنه سيحظى بقوة استراتيجية في الساحة الدولية، فالدول المصدرة للبترول تستطيع أن تؤثر في أسعار النفط وإمداداته، ما يمنحها قوة تفاوض وتأثير في العلاقات الدولية.
بشكل عام، يمكن القول إن للبترول أهمية استراتيجية كبيرة في لبنان نظراً لتأثيره على الاقتصادات الوطنية والعالمية والسياسيات الدولية. وفي ظل استمرار الاعتماد على البترول كمصدر أساسي للطاقة في العالم، فإن الاستدامة والتنويع في مصادر الطاقة تعتبر تحديات استراتيجية مهمة للمجتمع الدولي.