ليس من قوانين ثابتة عادلة في هذه الأرض، فالكلّ يشرِّع حسب مصلحته. العالم يتغيّر بسرعة فائقة، والقوانين تُفبرك بحسب ما يناسب المنظمات العالمية والدول الكبرى. ولكنّ الأكيد من كلّ هذه التحوّلات والتقلّبات أنّ الإنسان يذوب شيئاً فشيئاً، ويغدو مجرّد كائن بشريّ ينساق كما تريد التكنولوجيا وكما يخطّط له أن يكون حتى يصبح مجرّد جسد بلا روح، خال من الأحلام والقيم والإنسانية. تخوض الدول التي تدّعي الديمقراطيّة والتمدّن والتطوّر، وتحت راية الحرّية، فتغتال آلاف البشر، وتقتل الأطفال والنساء، وتسخِّر الإعلام العالميّ لتبرّر فعلتها مدّعية أنّها تحارب الإرهاب والجهل وأعداء الإنسان. كما تنادي على منابر الأمم بأنّها على حقّ، وهي المدافع الأوّل عن الحرّية والعدالة.
فهل صراخ الأطفال إرهاب؟ هل دموع الأمهات والشيوخ خطر على العالم؟ فتُدمّر منازلهم على رؤوسهم وتقصف المستشفيات والمدارس! هل من نادى وجاهد من أجل أرضه وأهله مجرم ومرتكب المجازر، وساحق الأرواح وجارف البيوت والأبنية؟ ليس هناك عدل في هذه الأرض، والقويّ من ينصّ التاريخ، والمظلوم يندثر مع حقوقه في بحيرات الزمن. ولكن علينا النضال والمثابرة، فالاستسلام موت الروح قبل الجسد، والموت من أجل الكرامة والحرّية بذور حياة للأجيال القادمة. وكم من شعوب واجهت الظلم والاحتلال بدمائها وأرواحها كي تحصد السلام والأمان لأبنائها، وحفرت التاريخ في الصخور، وعجزت الدول والمنظّمات الكبرى أن تمحوَ تضحياتها أو أن تشوّه إنجازاتها. وكما قال الشاعر "أبو القاسم الشابّيّ": "لا بدّ للّيل أن ينجلي ولا بدّ للقيد أن ينكسر".