رَقصات العِطْر المُتسوّلةُ فِي كسلٍ مُربك، شدّت مؤخرة القمر من نِفاق الغُروب، مُستغيثةً بِالشياطين كي يقتحموا الجحيم خلْسةً، ويقذفوا بِتبغهم نحْو تِلك المشيئة، التي لَم تَفُض بكارتها من تحصيل الديون المتراصّة في السَّماء؛ قيامةُ القُبل في فَحوة اللَّيل، تُنقذُ عطركِ من مِحنتها، ويخلق بدخّانهِ إلَهاً سماوياً، وأنبياءٌ لم يحسموا أمرهُم مع الرب بعد، وآياتٌ تلعبُ النّردَ على تِلك الهوامش، التي اِستأصلتْ اِستقامة الهواء من جُموحها، لِتعود بِدخانه إلى حيث الأبدية، إلى يقظةُ الخلق.
شغبٌ كلّي، مذعورٌ من خيالهِ، ينسجُ تأويلاً إجراميّاً، يدفعُ بِماضيه نحو كُلِ زمنٍ لخّص أفواههُ كُتُباً، تعرّت بعد ارتكابها إثماً في جُحفِ الفجر من خطاياه، التي لهثَت من مسكها التّاريخ بِقبضة الأنبياء، ورفعتْ اللّيل كالسِّتارة، لِتُلامس أنقاض السَّحاب بَين شهوات النُّجوم وهمسات خافتة تروي أسرار الزُوّار المتعرّين مِن مِرآة الله؛ الطّفل المفقود، الموروث على عجل، يقفُ مُنتصفَ بَصمة، اِخترقت نوايا الطَّحل، بِحديثٍ مَقطوع الكّف، أفضت بهِ ملذّاته، إلى عبق الأحلام المجهضة.
اِستقامة النُّبوءة تناقلتها الخوارق في آيات حافية، اِرتطمت بِحقائب الله المرصوفة في حُكم الأيادي، بين المعابد الباهتة ورونق الخلود، التي تقاذفتها خُصل الشَعر بِحكم الرّيح في أوْج هَذِه المأساة المتصاعدة، لِتطوي الواقع على يقينها، وتمتحن جودة التَّبغِ مِن شُكوك المعارك في ذَلِك الفضاء، قبل اِنقضائه لِزوايا الذّاكرة؛ الدُخَّان المتناثر، الذي تمرّد على هَواء الرَّب ولامس الشّفاه، تَماهت مع الوجوه المثقلة بِتجاعيد الزّمن، مُتكاسلة في تمُوج صاعدة إلى موتها.
القهوة التي تَصيدت "فيرُوز" إلى زُرقة الصباح، ارتجلتْ الغَد بِقسوة الدُخّان، مُنزلقة بِحكمة إلى أبديتها، من أُوَار الإناء الذي أيقظهُ ضبابهُ النّاعس، ليُدخِلَ النّهار إلى رَونقهِ، ويتعثّر بِالبُن الأبديّ، باحثاً عن بقايا الموتِ في أحافيرها النّزقة؛ الثّغرُ المُرتجف على حالهِ، يُسرّحُ وحدته في كسلِ المياه، بِفكاهة النّهار، تائِهٌ في رسومات الظلّال الطّليقة على أنقاضهِ، مِن صخب يائس، يتسرّبُ منه الفرَاغ، كسيلٍ جارف، في هذا الفضاء الرّحب.
التّبغ الوقح، صاحب الجذور الأدميّة، يذوبُ كُلما رفعها السبّابةُ نحو أفواهها قرب جيرانهِ العُراة، ليظلَ مذعوراً يستقرئُ النسيان على حوافهِ المتراخية ويذرفُ نشيداً، ينتقمُ فيه من عبثيّة الفضول؛ دُخّان ذو عكّازٍ لَا لَوني، التفَّ حول نفسِهِ كَعباءة مُهترئة، تتهَاوى مِنها صَرخة الرَّماد المُتساقطة، تشحذُ الأرواح المتآكلة بِقسمة البوق المتبرّج على أحشائها، في هُدنة اليقين ووحشة الوجود.