النهار

رأساً على عقب
وتقلّبنا الدنيا، فتنقلب فينا، وتلك الأيام نداولها بين الناس بين طيات سنّة الكون في التغيير، لينقلب الحال رأساً على عقب دون سابق إنذار في ظلّ اللّهو المستمر والتّيه في شوارع المدينة بين زحمة الخروج والوصول إلى الوجهة.
A+   A-
وتقلّبنا الدنيا، فتنقلب فينا، وتلك الأيام نداولها بين الناس بين طيات سنّة الكون في التغيير، لينقلب الحال رأساً على عقب دون سابق إنذار في ظلّ اللّهو المستمر والتّيه في شوارع المدينة بين زحمة الخروج والوصول إلى الوجهة.
فلا نخلو بأنفسنا نسألها عن حالها، ولا نتفقّد الأحبّاء ممّن كنّا لا نغفو قبل سماع أصواتهم حين كنّا سويّةً على الحلوة والمرّة.
ولا عُدنا ننضمّ لجلَسات الأنس العائليّة المزدانة بأجيالٍ متلوّنة اهتماماتهم ومساراتهم، وتسامرهم حول يومياتهم وأحلامهم.
حتى أصبحنا بالكاد نلقي السلام ونقصد معانيَ حروفه، لتسقط التحيّة من لقاءاتنا عن جبهة المشتاقين بحجةِ انعدام الوقت الكافي للّحاق بالسرعة الجنونية لأيامنا وعدم اتّساقها مع ما تحتاجه مهامنا من جهدٍ لإنجازها.
إنها خدعة الزمان، يوهمنا أنّنا في انشغالٍ تامّ يفوق المعتاد بعيداً عن الفراغ. ولكن، في الواقع، الوحدة لا تفارقنا.
الفراغ النفسيّ ينهش أرواحنا مع الأيام لينسينا جمالها، فمنذ أن سيطرت علينا الشاشات، خطفت أضواءها بريق الشوق من عيوننا، وأصبح الأنس الزائف والتسلية السطحية برفقتنا ونحن في انحناءٍ أينما حللنا.
ضجيجٌ في رؤوسنا، وكمٌّ هائلٌ من المعلومات يسبح في عقولنا على مدار الساعة، حتى النوم مشى في حال سبيله تاركاً لنا الأرق نقاومه آملين باستعادة بعضٍ من صفوِنا.
ثمّ في اليوم التالي، تغزونا من جديد تلك الشاشات لتطمئن على انعزالنا وتصفع وجوهنا بالتناقضات لتغرقنا في تيهنا على مسافاتٍ أعمق.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium