قال الفقير: نتعرض في الحياة لشتى الأمور التي تسحق من روحنا الفرح والكرامة، فنواجه الكثير من المصاعب التي تخبّئها لنا الأقدار، نصبر نتعلم فنغدو أقوياء أكثر ونتحلّى بالصلابة أكثر في مقاومة رياح المصائب. ولكن هناك أشخاصاً نصادفهم أحياناّ، تشمئزّ منهم النفوس ويسحقون فينا كلّ أمل ورونق في الحياة. فمثلاً حينما يكون ربّ عملك شخصاً مستفذّاً مستبدّاً دائم التنمّر لا يحترمك كإنسان ولا يعاملك بما تنجزه، تبقى صامتاً لأنك مجبر على تأمين لقمة عيشك وعيش أسرتك، فتحيا في جحيم وعذاب ينخران روحك وجسمك مع مرور الزمن.
وأكمل قائلاً: الحياة تكون أسهل حينما نتحلى بالقناعة وبالإيمان بالخالق والسعي إلى رضاه، وتكون جميلة حينما نراها في عيون أطفالنا ونحياها بفرح مع الأصدقاء، فننسى التعب ولا نفكّر في الغد البعيد بل بالشكر والامتنان للرب على عطاياه لنا من الصحة والخبز والسلام في القلوب. نكافح دوماً لنكون أفضل حال ولكن بقناعة ورضى، والفقير منّا يتحلّى بالأحلام الجميلة التي تبلسم له الجراح وتعطيه دوماً الأمل. في دروب عمرنا عذاب كبير ولكن هناك أيضاً أماناً أكبرَ وفرحاً سماويّاً عظيماً وخاصة حينما نتّكل على الله ونشعر أننا بين أحضانه ويدبر لنا أمورنا في الأوقات الحرجة. نتطلع إلى مجتمع عادل لا يفرق فيه الإنسان الفقير عن أخيه الإنسان الغنيّ إلّا بأخلاقه وقيمه واحترامه الآخر. فالمال لا يصنع البشر وليس هو أساس الحياة بل هو مصدر عذاب لكلّ محتاج، وسبب حزن الكثير من الفقراء لأنّه يحرم الأطفال من الحليب والدواء، ويصيب الجوع عدداً كبيراً من البشر، ويمنع إكمال التعليم لمعظم الشباب، ويجعل الشيوخ المرضى بائيسين يتمنّون الموت وعدم البقاء على قيد الحياة، نعم هكذا يفعل المال بالإنسان المعدوم الحال، ولكنّه لم ولن ينتصر على الإيمان ولا على الفرح الذي يزور الأفئدة ولو للحظات، ولم يستطع أن يسحق النقاء من قلوب الفقراء، ولا أن يطفئ شعلة المحبة في صدورهم.