الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

التضخم وغلاء الأسعار في لبنان

المصدر: النهار - د. خلدون عبد الصمد
إن أحد أهم المؤشرات في الدراسات الاقتصادية هو بلا شك التضخم، وبالتعريف البسيط، ومن دون الخوض في متاهات التعريفات الاقتصادية المعقدة له
إن أحد أهم المؤشرات في الدراسات الاقتصادية هو بلا شك التضخم، وبالتعريف البسيط، ومن دون الخوض في متاهات التعريفات الاقتصادية المعقدة له
A+ A-
إن أحد أهم المؤشرات في الدراسات الاقتصادية هو بلا شك التضخم، وبالتعريف البسيط، ومن دون الخوض في متاهات التعريفات الاقتصادية المعقدة له، فإن التضخم يشير إلى الارتفاع في تكلفة السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة حيث لم تعد كمية الأموال التي نحملها تكفي لشراء نفس كمية السلع. إذاً فالتضخم مرتبط بشكل رئيسي بغلاء الأسعار، وهنا تكمن أهميته الأساسية فيما له من أثر كبير على الحياة اليومية للمواطن، وعادة ما تتدخل الدولة بشكل مباشر لخفض نسب التضخم حماية لاقتصادها.
أما في لبنان، فكان الوضع مختلفاً قليلاً عن الشكل العام لمحاربة نسب النضخم العالية في الأزمة الاقتصادية التي شهدها لبنان ومازال منذ ما يزيد على الخمس سنوات، فالدولة فعلياً لم تتدخل مباشرة في هذه الحالة، بل تركت الأسواق ولاسيما القطاع الخاص، تحاول الخروج من هذه الحالة. فمع فقدان الثقة بالمصارف بسبب قضية الودائع وانهيار العملة الوطنية إلى أقصى الحدود، برزت عملية الدولرة في عدة أوجه. فالعامل الأساسي أصبح بالدولار الأميركي في الأسواق، ما كان له الأثر في كبح انهيار العملة الوطنية أكثر وأكثر.
فمن المعلوم أن لبنان يستورد ما يفوق نسبة السبعين في المئة من احتياجاته الأساسية، وبالتالي هو يستورد إشكاليات التضخم في العالم، أي أنه يستورد التضخم أيضاً. وهنا تكمن مشكلة احتساب التضخم الفعلي رقمياً، إما بسبب الغلاء العالمي للأسعار، وإما بسبب عدم القدرة على المراقبة الداخلية للأسعار، مع بروز الاقتصاد غير الرسمي في الأسواق اللبنانية.
فالمواطن اللبناني بشكل عام ومع غلاء الأسعار، توجه إلى العلامات التجارية الأرخص سعراً، محاولاً في ذلك التأقلم مع الأوضاع السائدة في الأسواق وإيجاد توازن معين بين المداخيل والنفقات الشخصية، ولا يمكن تجاهل أيضاً دور شركات القطاع الخاص في دولرة كامل نفقاتها وإيراداتها كدورة اقتصادية جديدة لها، لإعادة الأوضاع السائدة في الأسواق إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الأخيرة. فلم يبقَ غير القطاع العام الذي يعاني من هذه الفجوة بين المداخيل والنفقات وغلاء الأسعار، ومع محاولات الدولة اللبنانية الحد من هذه الإشكالية وعدم الوقوع في تشعبات التضخم بأنواعه كافة، حاولت أيضاً دولرة الرواتب كما الضرائب إلى حد ما، مع التنبه إلى واقع الاختلاف الكبير في أسعار صرف العملة.
إن مسألة التضخم وغلاء الأسعار هي مسألة شائكة جداً، فهي المؤشر الذي يمتد تأثيره تلقائياً إلى مؤشرات أخرى، كالبطالة والفقر، وبالتالي إلى الواقع المعيشي وحتى الأمني. وهنا على الدولة اللبنانية القيام بدراسات اقتصادية قصيرة وطويلة الأمد توضع موضع التنفيذ للحد أو على الأقل تخفيف ما قد ينتج من أضرار جسيمة في الاقتصاد والبنية الاجتماعية للوطن.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم