يا لها من مأساة يشهدها عصرنا هذا!
إنّنا نعيش في بلد يقتل المغتصبة بنظراته ويعطي الحريّة المطلقة للمغتصب.
الاغتصاب أو الاعتداء الجنسيّ، إنّه أحد المواضيع المحرّم الكلام بها في مجتمعنا لأنّها تُعتبر أمراً غير لائق أو ما نصنّفه "بالعيب".
ولكنّ اغتصاب الفتيات والفتيان ليس من "العيوب"، أعدم معاقبة المغتصب أمر طبيعيّ؟
الاغتصاب جريمة دون عقوبة، فكيف ذلك؟
ففي معظم دول العالم وخصوصًا في المجتمعات العربية، تخاف الضحيّة البوح بما حصل معها لأنّنا نعيش في مجتمع ذكوريّ. ويلقون الّلوم على الفتاة ويقولون لها: "شو كنت لابسة"، "لو ما إنت أغريتي ما كان صار هيك"... بدلاً من محاسبة المجرم وحماية الضحيّة وباقي الفتيات، فيتغاضون عن الجريمة ويبرّرون فعلة المجرم. وكأنّ شيئًا لم يحصل. لأنّ العقليّة الذكوريّة تشرّع الاغتصاب، وتقول أنّ من حقّه القيام بهذا الجرم.
وتبيّن أنّ 55 في المئة من الضحايا لم يبلّغْ عن الجريمة، خوفًا من وصمة العار ونظرات الحقد واللّوم من المجتمع المحيط، أو لأنّ لا أحد سيصدّق.
المغتصب لا يفرّق بين فتاة وصبي، مسلم ومسيحي، صغير وكبير... لأنّه مريض عقليّاً ولو كان غير ذلك لما قام بجرمه. ليس من الضروري أن يكون شخصًا غريبًا لأنّ في بعض الأحيان يقوم الأب باغتصاب ابنته، والأم ابنها، وأولاد العمّ ابنة عمّهم. والعائلة تبقى صامتةٌ بدافع العرض والشرف.
لا يمكن للحروف أن تتجمّع وتطلق كلمة تصف أوجاع ضحايا الاغتصاب، لأن لا أحد يمكنه أن يحذف هذه الذاكرة الأليمة. علينا العمل بجديّة لأخذ حقّ هؤلاء الضحايا، ولوضع قانون يحاسب كلّ من يغتصب أو يتحرّش بفتاة جسديّاً أو بالكلام. "بدنا عقوبة بحقّ جريمة."
جسدي ليس سلعة بيع وشراء. الاغتصاب جريمة لا مبرّر لها، والسكوت عن الجريمة جريمة. فلا تخافي "علّي الصوت" وقولي هذا هو المغتصب.
أسيأتي يوم ويحاكم كلّ مغتصب؟