النهار

"حبّ العيش"... يهدّد أمن لبنان؟!
النائب محمّد رعد.
A+   A-
كاتيا سعد 
 
إنّ كلام أحد "المسؤولين"، واسمه بات "ترند" في الآونة الأخيرة مع تصريحاته العاصفة التي ترافقت مع "رعد" التعليقات، ذكّرني بالقول اللبنانيّ "ما بتلحق توصل اللقمة ع التمّ، حتّى يخربوها". هذا من جهة، ومن جهة ثانية ذكّرني بأصحاب النوايا المتشائمة الذين نصادفهم في حياتنا، كلّما كان يسير الشخص في مسار نجاحه، ثمّة من يقف له بالمرصاد ليحسده.
 
على خلفية الأخبار المتداولة حول أمن المطار، ودعوة بعض البلاد لرعاياها بالمغادرة. ماذا قال الرجل المحترم الذي كان همّه الوحيد أنّه يخاف على مصلحة لبنان؟ "للأسف، بعض اللبنانيين الذين يريدون أن يرتاحوا، وأن يذهبوا إلى الملاهي وإلى شواطئ البحار، ويريدون أن يعيشوا حياتهم (...) هذه الفردية القاتلة والنفعية الأنانية التي تدمّر مصالح الأوطان والمجتمعات هي وراء هذه الشحنات والجرعات من الأكاذيب"."
أووف..."ّ كل هذا المستنقع المظلم الذي يعاني منه لبنان وشعبه، أتراه نتيجة ضوضاء الليل وأمواج البحر؟! فهل حرارة الصيف وصوت الموسيقى، هما متفجّرات تهدّد استقرار البلاد؟! هل حقّاً وصل الجهل السياسيّ إلى هنا؟! أصحيح أنّنا شعب ذكيّ؟ لكن لم يخطر على بال أحد أن يكون الاتّهام على هذا الشكل. بالفعل هذه سابقة في درجات الـIQ الفكريّ والسياسيّ.
 
أتعرف يا سيدي ما هو المؤسف في الواقع؟
للأسف، أنّنا نقرأ ونشاهد هكذا تصريح لمسؤول يفترض: أوّلاً أن يكون جزءاً من فريق العمل الذين يعمل لتأمين الأمن والأمان لمواطنيه كي "يعيشوا حياتهم" كما يجب. ثانياً، أن يشجّع المغتربين كما السيّاح، للقدوم إلى لبنان والاستمتاع في بلد كثر يقولون "متل لبنان ما في". ثالثاً، أن يفتخر بشعب رغم كلّ الدمار الجسديّ والنفسيّ الذي يعاني منه، يكافح بنفسه ويتّكل على ذاته للمقاومة والتكيّف والتأقلم.
 
مع الاحترام الكامل لكلّ الظروف التي تعصف في أكثر من دولة عربيّة سواء بالقصف العلنيّ أو المبطّن، اعتدنا القول "لكنّ الحياة تستمرّ...". لربّما "تمسح" الإنسان العربيّ بشكل عام واللبنانيّ بشكل خاصّ، من الأجواء المشحونة، التي ترافقه أينما ذهب وكيفما تلفّتّ. لحسن الحظّ، أنّ اللبنانيّ ما يزال يتمسّك ليس فقط بالحياة بل "حبّ العيش" أيضاً، وكلٌّ يرفّه عن نفسه بطريقته.
 
"لأوّل مرّة أنتبه أنّ حبّ الحياة والترفيه، تهمة وجريمة في حقّ وطن"... هل انفجار ٤ آب خطأ في التكتيك، والذهاب إلى البحر مجزرة؟ هل حرب تموز ٢٠٠٦ هفوة تخطيط، والسهر في الملاهي الليلية اغتصاب وطنيّ؟ هل الاغتيالات المتكرّرة بين ٢٠٠٤ و٢٠٠٨ مجرّد تسلية "أكشن"، والاستمتاع بصيف لبنان مع الأهل والأصدقاء اغتيال دوليّ؟ نحن نشهد بالفعل انقلاباً في مقياس تحديد معنى الجرائم، ويتحوّل البريء إلى مجرم، والمجرم يخرج براءة. هل حقّاً خرج الفلتان من كونه ممارسة على أرض الواقع، ووصل حدّ الفلتان اللفظيّ؟
 
نحن نتحدّث عن لبنان. هل يعرف طاقم الحكم المحترم ماذا يعني ذلك؟ ببساطة هذا يعني أنّ الخراب الذي يأتي من كراسيكم، يصنع اللبنانيّ من مخلّفاته قوة عزم للاستمرار في التنفّس، ونعم "كلٌّ سيفرح كما يحلو له". وهذا يعني أنّنا نحن كمغتربين، نجد في لبنان أوكسيجين إضافيّاً لنعزّز طاقتنا ونرفّه عن أنفسنا، كي نعود أدراجنا إلى الغربة ونتحمّل ضغوطات، لا أحد يمكن أن يتصوّرها إلّا من اختبرها. وهذا يعني أنّكم تدمّرون ونرمّم. وهذا يعني أنّكم تزعزعون العلاقات في الداخل والخارج، ونحن بحسن نوايانا و أعمالنا وإنجازاتنا نرفع اسم لبنان إلى أماكن تفوق قدراتكم..
لبنان بالنسبة إليكم هو مجرّد ساحة حرب، ولكنّه بالنسبة إلينا عقل وقلب، نبض وروح. ذلك يعني أنّنا نفعل المستحيل كي يبقى حيّاً. وان كان "حبّ العيش وعشق الحياة عبوات ناسفة"، فليكن، نحن نفتخر بأن نكون روّادها.. غالباً قد يغفل عنكم ما تفعلوه بشعبكم، لكن لحسن حظّه وجد لنفسه مخدّراً يزعجكم، ولكنّه يضخّ حياة في أرواح تحلمون دوماً بقتلها…
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium