1.ٱلقِيامِ بِٱلأَعمالِ ٱلصّالِحَة... هَذِهِ هِيَ ٱلحَسَنَةُ وَٱلنّافِعَةُ لِلنّاس
في الإسلام، يُعتبَر الإحسان إلى الأيتام ومسح دمعة المحزون وتخفيف كُربة المكروب وإعانة المُحتاج ودفع الأذى عن الناس من الأعمال الحسنة. المُحسِن قد يكون فردًا وقد يكون جمعيّة أو حركة.
في المسيحيّة ينطلق العمل الصالح من الحبّ والرحمة السامِرَئيّة(لوقا 10: 25-37) ومن الأُخوّة الإنسانيّة (لا رابط الدَّم وحسْب) ومن تلبية الاحتياجات بكرَم ومجّانيّة لأنّ "ٱلَّذينَ آمَنوا بِٱللهِ (هُم) ذَوُو ٱهتِمامٍ في ٱلقِيامِ بِٱلأَعمالِ ٱلصّالِحَة". ونجد الكثير من الأفراد أو الجمعيّات التي تعمل في مجال الرحمة المُتعدِّد الأوجُه والمجالات.
في العالم الواسع الأرجاء والمشارب والتوجّهات، هناك مِروحة واسعة من الأعمال الحسنة، منها: الأفراد الذين يقدِّمون خِدمًا منوَّعة لمُحتاجيها؛ الجمعيّات التطوُّعيّة والمُتخصِّصة على اختلافها من جمعيّات أهليّة وجمعيّات غير حكوميّة؛ الأعمال الإغاثيّة خلال الكوارث على أنواعها؛ وأهمُّها تلك التي تبغي العمل الإنمائيّ المُستَدام. أعمالٌ تنطلق كلُّها من الضمير الحَيّ والإحساس بالآخَر والتعاطُف معه والعمل لأجله مجَّانًا عندما يكون مُستَضعَفًا. هَذِهِ الأعمال هِيَ حَسَنَةُ وَنّافِعَةُ لِلنّاس.
2. "رجُل البدعة .. هُوَ في الشرّ يَقضي هو نَفسُه على نَفسِه"
أمّا اليوم، فنحن على تماسٍ مع أُناسٍ يَنشرون أفكارًا أو عادات أو يسلكون بشكلٍ لا يتِّفق مع القيَم السائدة والسلوكيّات المقبولة من عُموم المجتمع ويعملون على"فرضِها" بأشكالٍ مختلفة، في الغالب، تتَّسِم بالعنف المعنويّ واللَّفظيّ والعمليّ حسبَما يرَون ويتوفّر لهم، ومنهم الذين يُشكِّلون عُصبة الـ LGBT أو حاملو "إيديولوجيا الجنْدر". لا بدّ من تسجيل ملاحظة تتعلّق بالمثليّات والمثليّين لا يدخلون في تعداد أو خانة تلك العُصبة الـ LGBT[LGBTQIQAAP : lesbiennes, gays, bisexuels et transsexuels queer et intersexuels,questionnant, asexuel, allié, pansexuel ] ومشروع الرأس المُدبِّر الذي يستعملهم مع آخَرين لتَدمير البشريّة.
ينتمي الـ LGBTإلى العصابة[ عنَيت بها "المنظَّمة الصِهيونيّة".] التي تفتك بالناس منذ أواخر القرن التاسع عشر، وتختصرها جملة "الإبادة الجَماعيّة"[ نذكر أشهرها: الإبادة الأرمنيّة والأشوريّة والسُريانيّة مطلع القرن العشرين والإبادة الفَلِسطينيّة المستمرّة منذ 1948؛ نشر ڤيروس نقص المناعة المُكتسَبة(HIV) في أفريقيَا بدايةً وتحديدًا؛ وجنون البقر وغيرها الكثير، وآخِرها كوڤيد 19، تقليصًا لأعداد البشر بحجّة أن لا مَواردَ كافية لتغذيتهم.]. أضف إلى ذلك السيطرة على الإعلام والمال والاقتصاد: حيث يتمّ توجيه الإعلام شطر العنف والقتل واعتماد الجريمة المنظَّمة والإتجار بالبشر، واعتبار المُخدِّرات والانتحار وسيلة عاديّة للتخلُّص من المشاكل الفرديّة، والاهتمام الشديد بغَسل الدماغ بـ"إيديولوجيا الجندر" ... لقد قاموا في 1968 بثورة ضدّ السلطة في فرنسا(إسقاط الجنرال ديغول الذي تنبّه لطُغيانهم وشرِّهم) ومنها عبر العالم لإسقاط "الوالديّة"[ التعبير للدكتور ناصف نصّار. البعض يترجمه بالأبَويّة.] وسلطة الدولة والقيَم -بدعوتهم إلى التحرُّر الجنسيّ من دون سُقوف- ودعم الحركة النِسَويّة[ راجع وثيقة وضعتها الأمم المتحدة "مبادئ توجيهية في سبيل صياغة شاملة جنسانياً" باللغة العربية (كدليل تدريبيّ) ، تطلب من موظفيها عدم استخدام المصطلحات التي تحدّد الذكورة والأنوثة، من ذلك على سبيل المثال: استخدام قيادات بدل قادة، دار رعاية الشيخوخة بدل دار المسنين، أوساط أكاديمية بدل أكاديميبن، اللجنة الفاحصة بدل لجنة الفاحصين، عمالة مهاجرة بدل عمّال مهاجرون، جهة تنسيق بدل منسّق...إلخ. ] وبإسقاط الأنظمة التي لا تخضع لأهداف الصِهيونيّة الداعية إلى كلّ تلك "الفوضى الخلاَّقة"[ راجع: Christian Flavigny (pédopsychiatre et psychanalyste), La querelle du genre] كما سمَّتها السياسات الأميركيّة منذ عُقود. وماليًّا واقتصاديًّا عبر الرأسماليّة المُتوحِّشة التي تتلاعَب بأسواق المال والبورصة كما بضرْب اقتصادات الدُوِل وسَحقها بالديون الطويلة الأمَد عبر البنك الدُوليّ وصندوق النقد الدُوليّ ومنتَدى دايڤوس ... وعبر تفكيك الدولة تمهيدًا لخَصخصة مؤسّساتها، وفرض تشريعات مُنافيَة للقيَم الانسانيّة[ راجع المواد 1و 3 و 4 و 12 و 16 و 19 و 26 و 29 و 30 من "الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان".]ومُناهِضة لِلخليّة الأساسيّة لوجود الانسان، أي العائلة: فَـ"إيديولوجيا الجندر" تؤكِّد أنّ الهُوِّيَّة الجنسيّة هيَ بناءٌ اجتماعيّ مستقلّ عن أيِّ واقعٍ بيولوجيّ. ما يؤدّي إلى رفض الأدوار الثابتة للذكَر والأُنثى[ تقول دراسة لـ Ifopأنّ 22% من الفرنسيّين بين 18 و30 سنة يعتبرون أنفسهم "مُحايدين جنسانيًّا، جندر فلوِيد أو من ذَوي الجنس المائع، أو لا جِنس لهم، اللَّاثثنائيّون جنسانيًّا.]. تلك الإيديولوجيا تعتمد صفة"الإرغام" إذ تحمل في طيّاتها "مشروع تغيير اجتماعي وثقافي وسلوكي" إزاء المنظومة الأسرية بكاملها"، روَّج لها مؤتمر بِكين(الصين)-1995 ما أدَّى إلى فوضى في المفاهيم[ يُطلق عليها البابا فرنسيس صفة"الاستعمار الإيديولوجيّ"]-[ يُعدِّد د. طلال عتريسي أهمّ "الحقوق" التي يُحاول فرضها المُنادون بـ"إيديولوجيا الجندر": المرأة ضحيّة؛ التمكين؛ المُساواة(بين الجنسَين)؛ المِثليّة؛ تعدُّد أشكال الأُسرة. ويقول د. عتريسي بضرورة تفنيد تلك العناوين من زاويتَين: الأُولى لجهة "صوابيّة التغيير المُقترَح والتساؤل ما إذا هو قادر أن ينقل المجتمعات إلى "وضعٍ أُسَريّ افضل". والثانية تتناول مدى تَوافق هذه المفاهيم وتبِعاتها مع "خصوصيّة" المجتمعات المحلِّيَّة.]. ويرى د. فلاڤينيِي[ راجع الملاحظة رقم 6 أعلاه.] أن هناك "ثِقباً اسوَد في نظريّة الجندر يستولي على جيلٍ من الشباب. وهنالك أطفال أُعيد ترتيب أفكارهم في المدارس (formatés à l’école) بمعزل عن والديهم ومن خلال مُشاهدات سَهلُ الوصول إليها على الانترنت. كثيرٌ من الشباب خائبون فاقدو الأمل، مجروحون في هُوِّيَّتِهم، وفي جنسانيّتهم بعد تجارب جنسيّة عديدة شجَّعهُم خُطابٌ سائد نافيًا ايّ معنى للجسَد بالكُلِّيّة وزاخر بپُورنوغرافيَا يصلون إليها بحُريّة تَدفعُهم إلى إشباع نَزواتهم واستهلاك الجنس.
3. هَكذا فَليُضئ نورُكُم قُدّامَ ٱلنّاسِ
قالَ ٱلرَّبُّ يسوع الناصريّ لِتَلاميذِهِ:"أَنتُم نورُ ٱلعالَم ... فَليُضئ نورُكُم قُدّامَ ٱلنّاسِ، لِيَرَوا أَعمالَكُمُ ٱلصّالِحَةَ وَيُمَجِّدوا أَباكُمُ ٱلَّذي في ٱلسَّماوات"، إذ "لا يوقَدُ سِراجٌ وَيوضَعُ تَحتَ ٱلمِكيالِ، بَل عَلى ٱلمَنارَةِ فَيُضيءُ لِكُلِّ مَن في ٱلبَيت". كيف ذلك؟
ينبغي علينا مواجهة مسألة الجندر عبر "مُقارَبة حواريّة" مع عُموم الناس وتحديدًا مع الشباب والأطفال، باعتماد ثلاثة مواقف: الإصغاء، التفكُّر والاقتراح. فلنُعلّمهم أن يُحبّوا وأن يُثمِّروا ذُكورتهم أو أُنوثتهنَّ، وأن يهتمّوا بذواتِهم وببعضهم البعض، وأن يُميِّزوا الفرق بين الصداقة والحبّ، وبين الشعور بالحبّ والحبّ، وأن يفهموا أنّ الحبّ قرار وعطاء ذات لخَير الآخَر(ى) بكُلِّيَّتِه وأنّ الارتباط به يدوم مدى الحياة.
تلك الطغمة من الناشطين من أجل تقويض حياة "القرية الكَونيّة" وتحويلها إلى جحيمٍ من الفوضى غير المَوصوفة ينبغي مُواجهتها جَماعِيًّا وعبر مُقاومةٍ صلبة، لكن بالوَعي والاطِّلاع، وبالتخطيط والبرامج التي تفضح مآلاتها وخطورتها، وبالتماسُك المُجتمعيّ والتشبُّث بالقيَم الإنسانيّة الجامعة بين المؤمنين بالله من حهة وبين "ذَوي الإرادة الصالحة"- الأكثريّة من البشر وبالمُشاركة في مؤسّسات الدولة في كلّ بلد ودَعمها، وبالجمعيّات الناشطة في مجال إحياء العائلة وتنميتها، وتشجيع الصداقات بين الجنسَين، وفي كلّ عمل صالح يبني الإنسان في كلّ إنسان وفي المجتمع.