هو السكون في مدى الليل الساحر، يمطر عليك شعور السلام وتسمع فيه صوت الروح على أنغام أنامل الأحلام وقيثارة الإبداع التي تسعد النفس وترتقي بها نحو فضاء الوجود، هناك حيث نمر بالقرب من السموات ونقطف من جنائنها ورود المشاعر الصادقة وياسمين العاطفة ثم تعود على أجنحة الحُنُو نحو القلب لتتفجر عطوراً في الحياة تحيي فينا أملاً جديداً، قوة وإصراراً على الوجود.
الهدوء والأناة يلفحان الليل وينعشان النفس فندرك قيمة ذاتنا وقيمة جبروت الخالق العظيم لكل المواهب التي زرعها في أعماقنا، فنحن فعلاً أبناء النور في عالم أنشأه لأجلنا.
في سكون الليل تغمرك الطمأنينة والراحة فتتلحف بمعطف القمر المرصع بالنجوم وتتغلغل فيه نسائم طيبة خفيفة وناعمة تنساب إلى صدرك فتبعث الحيوية والنشاط بعد تعب النهار وضوضاء البشر.
حينما ينهك الجسد وتجهد الروح نلجأ إلى الصمت والهدوء ونطرق باب السكينة لكي نتنفس الصعداء مجدداً فنمسح دمعة اليأس رافعين رأسنا نحو السماء لنحمد الله ونشكره ونشعر باحتضانه لنا فيبدع الأديب والشاعر ويخلق الموسيقي أروع الألحان، يجود الناحت بإزميله والرسام بريشته كما يستقي العالم والفيلسوف الحكمة والحنكة. في سكون الليل: ترياق الروح وسلام المهجة وثبات المواقف. هي لحظات نستعيد فيها أنفاس الطفولة ونرى بشفافية مطلقة واقعنا وحالنا فنقيٌم أوضاعنا ونصحح مسار حياتنا وأسلوب عيشنا في هذا المجتمع.