النهار

ما بين آب 2008 وآب 2024... خارطة طريق خطاب استقالة الرئيس الحسيني
المصدر: النهار - الدكتور سمير حسن عاكوم
ما بين آب 2008 وآب 2024... خارطة طريق خطاب استقالة الرئيس الحسيني
ست عشرة سنة مضت على خطاب استقالة الرئيس الحسيني، ذكّر فيه بغياب الرؤية المؤسساتيّة للدولة عند تأسيس الكيان
A+   A-
ست عشرة سنة مضت على خطاب استقالة الرئيس الحسيني، ذكّر فيه بغياب الرؤية المؤسساتيّة للدولة عند تأسيس الكيان. استعرض برنامج الرئيس فؤاد شهاب الإصلاحيٍّ، وعدم تمكنه من الوصول ببرنامجه التنموي الى المرحلة السياسيّة، ليُعلن الرئيس شهاب في كتاب عزوفه "إنّ المؤسسات السياسية والأصول التقليدية المتّبعة في العمل السياسي لم تعد صالحة للنهوض بلبنان، وبأن الغاية هي الوصول إلى تركيز ديموقراطية برلمانية مؤسساتيّة صحيحة ومستقرة وإلغاء الاحتكارات ليتوفر العيش الكريم والحياة الفضلى للبنانيّين..." ذكّر بظروف حَرف مسار الرئيس شهاب التي أوصلت الى حرب 1975.
أجابت وثيقة الإمام الصدر عام 1977 على كتاب عزوف الرئيس فؤاد شهاب، تضمنت الإيمان بلبنان الواحد الموحّد وطنًا نهائيًا سيدًا حرًّا مستقلًا، عربيًا في محيطه وواقعه ومصيره، يلتزم بالقضايا العربية وفي طليعتها قضية فلسطين، منفتحًا على العالم بأسره، يلتزم قبل وبعد ذلك بقضية الإنسان. يقوم على احترام الحريات العامّة، رفض التقسيم مع ترحيب بلامركزية إدارية تعزز الحكم المسؤول وإشراك الجميع في إدارة الشؤون المحلية. رفض تشويه وجه لبنان الحضاري وتحجيم دوريه العربي والدولي، ورفض عزله عن المدّ الحضاري الإنساني أو جرّه إلى أيّ محور سياسي عربي أو دولي. الابتعاد عن صيغة الإمتيازات الفئوية مقابل الغبن عند الآخر. القيام بتخطيط شامل لتحديث الدولة في جميع مرافقها لحلّ المشاكل الاجتماعية المتفاقمة ولإيجاد تكافؤ الفرص بين الجميع على أساس الكفاية والنشاط والإخلاص في ضوء رؤيةٍ مستقبليةٍ. المطالبة بإلغاء الطائفية السياسية، تشكيل مجلس شيوخ، اعتماد الدائرة الموسّعة للانتخابات النيابيّة لا تقلّ عن المحافظات.
تبنى الموقف الإسلامي في دار الفتوى في آذار 1985 الوثيقة، أكد أن الصيغة اللبنانية القائمة على التسامح والعيش المشترك تناقض طبيعة الكيان العنصري الإسرائيلي.
تطورت الوثيقة مع غبطة البطريرك صفير لتصبح خلاصة لإتّفاق الطائف، فمقدمة الدستور هي الميثاق الوطني المكتوب والعهد بين اللبنانيين، ولا يُفسر أيّ نصّ من نصوص الدستور إلاّ في ضوء مقدمته.
أوضح الرئيس أن اقرار الإصلاحات الدستوريّة في الطائف كانت تتطلب ورشة إصدار قوانين تطبيقية لم يصدر منها شيئ!! فالدستور هو إطار يحتاج إلى قوانين تطبيقية لتنظيم دوائر رئاسة الجمهورية، الانتخاب، أعمال مجلس الوزراء، دوائر رئاسة مجلس الوزراء، تحقيق السلطة القضائية المستقلة، الجيش، الأجهزة الأمنية، التنظيم الإداري للدولة، اللامركزية الإدارية وتقسيماتها، وسائل الإعلام...
القانون الإنتخابي للمجلس النيابي القائم مخالف للدستور ولوثيقة الوفاق الوطني، يستبعد النخبة، ولا يوجد نظامٍ ديمقراطيٍّ برلمانيّ حقيقي، البيان الوزاري فارغ من كلّ معنى وهناك تراجع مخيف في النظرة إلى القضاء. الحالة الاستثنائية تُفرض كقوة قاهرة على الناس لشل ارادتهم، فالوطن ووجوده في خطر كبير كونه لم يرَ في حياته السياسيّة تمزيقًا للدستور كهذا التمزيق، وبأن سلطة المحاصصة لم تتعلم من تجارب الماضي، هناك سعي منها لتكريس دولةً بلا مؤسّسات ووطنًا بلا مواطنين.
شَخَصَ الرئيس الحسيني في خطاب استقالته الانهيار القائم حاليًا وأظهر لنا خارطة طريق تطبيق الدستور بقوة تلاحم الطبقة الثقافيّة مع القوى الشعبيّة المحركة بارادة وطنيّة دافعة. أوضح الفرق بين برنامج بناء الدولة من خلال الإطار الدستوري الذي تفسره مقدمة الدستور وتدفع بإتجاه ورشة عمل لإصدار قوانين تطبيقية وما بين تسلط فيروس الإتفاق الثلاثي لسلطة محاصصة زعماء ميليشيات قتلت الدولة وضيعت معالمها...
رحم الله الرئيس الحسيني وأعاد الحياة والاندفاع للطبقة الثقافيّة المعطلة وقواها الشعبيّة المظلومة لتأخذ دورها في مسيرة إحياء الكيان وبناء مؤسسات الدولة اللبنانيّة...
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium