النهار

وهم الحدود
الحدود أصبحت كالديانات لعبة في يد أقليّة من الطغاة نتقاتل من أجلها...
A+   A-
الحدود أصبحت كالديانات لعبة في يد أقليّة من الطغاة نتقاتل من أجلها...
الإنسان عبر العصور بجشعه بدأ يفصّل ويقسّم ويتملّك ويوزّع ويشرّع ويرسّم الحدود وبطريقه قسّم الله وقسّم اللغات وفي كل زمن يكبر عدد التقسيم والتعديل والإلغاء في الحدود وتغيير الخرائط التي يقوم بها الأقوى فيزداد عدد تقسيم الله وتعديل المفاهيم التي وضعوها له حسب رغباتهم وجشعهم... والكل يؤكّد بأنه الأحسن والأفضل وبأنه هو من يستحقّ الحياة وأن الآخر هو السيئ فيجب إلغاؤه ناسيًا بأنه هو الآخر بالنسبة للآخر وهو من يجب الغاءه... هذه الدوّامة دخل فيها الإنسان بواسطة عدد قليل من مهووسي السلطة والنفوذ واشتغل غسل الأدمغة واجتمع كل قطيع حول الكرّاز ولكن الفرق بين قطيع الغنم وقطيع الناس هو أن الأول كرّازه يأخذه نحو المأكل والمشرب ويتشارك معهم أما الثاني فيأخذهم نحو هلاكهم ليبقى هو...
مع الوقت وكلما تقدّمنا في الزمن يكثر مهوسو السلطة ويتدرجون أولاً بين القارّات: أي قارة أقوى نفوذاً ثم بين الدول، ثم في الدولة الواحدة، ثم في المدينة الواحدة، ثم في المنطقة الواحدة، ثم في الشارع الواحد، لينتقل إلى العائلة الواحدة، ثم إلى البيت...
وهم ا لحدود هذا وجنون العظمة وهوس السلطة والنفوذ يجعل قادة البلدان في أيامنا في حالة هيستيريا للرغبة في الكسب الأكثر وامتلاك السلاح الأكبر والأكثر تطورًا... الخ غير مهم الوسيلة المهم الوصول لمبتغاهم ضاربين بعرض الحائط النتيجة حتى لو عن طريق حقن الدماء ناسين بأن الأرض تسع كل الناس وبالإمكان العيش معًا بطريقة مختلفة بالاستعانة بكل ما توصلت له البشرية من تطور تكنولوجي وتسخير طاقاتنا في الإيجابيات...
في القرن الحادي والعشرين الأرض تشهد حروباً همجية لا ذرّة للإنسانية فيها، من أجل ماذا؟
والقطعان نتضرّع للخالق بأن ينجيها وهُم من هدّم ويهدم ما بناه بتبعيتهم وبقبولهم لتقسيم الله...
وجودنا أصبح وهم لفقداننا صفة الإنسانية...
الكرّاز: الذي يجعل الراعي في عنقه جرساً فيتبعه القطيع.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium