منذ السابع من تشرين الأول من العام 2023، ولبنان يحاول جاهداً التعافي الاقتصادي الذي جاء بعد سنوات من الانهيار الكامل لكافة القطاعات الأساسية في لبنان، ولكن واقع الحرب المشؤومة والأضرار المتزايدة على الجنوب من دمار وشلل اقتصادي، جعلت الأمور تتجه من جديد نحو الانكماش على مستوى الوطن.
ولعل بعض القطاعات حاولت الخروج من هذه السلبيات المالية كالقطاع الخدماتي والسياحة والفنادق والمطاعم والحفلات وغيرها، ما قد يدرّ بعضاً من العوائد على المالية اللبنانية، إلا أنها ورغم بعض الإيجابيات اصطدمت بالحالة العامة للشعب اللبناني، ولعل أكثرها تأثراً كان انخفاض التحويلات الخارجية بشكل ملحوظ، ما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي والذي كان على مساره التصاعدي حتى بداية العدوان على الجنوب ولبنان بشل عام.
ولسنا هنا للدخول في المناكفات السياسية والمحاور الخارجية وإلقاء اللوم على أحد الأطراف، إنما لبنان مازال يعاني من واقع سياسي غير مستقل بالكامل، وهذا ما يدفع بالأوضاع السياسية وبالتالي المالية والاقتصادية إلى مزيد من التدهور، فلبنان ككيان لم يستطع ومنذ الحرب الأهلية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، الخروج من صراعات المحاور العالمية والإقليمية، فدائماً هناك انقسام عمودي حادٌّ في لبنان لأخذه نحو جهة من دون أخرى، وهذا ما يزعزع الاستقرار بجميع أشكاله في لبنان، فتهرب رؤوس الأموال والمشاريع والشركات، وحتى المغتربين اللبنانيين يُلاحظ أنهم ينسحبون من لبنان بمشاريعهم وأموالهم خوفاً على ما جنوه من العمل في الخارج لاسيما بعدد الأزمات المصرفية التي زعزعت الثقة بالمصارف والدولة بشكل عام.
إن لبنان مازال يتخبط في عمودية الحلول، أنا أو لا أحد، فلا التحركات المطلبية نجحت، ولا الثورات الشعبية أدت أغراضها، ولا الأحزاب بالمجمل عرفت مرادها من الوطن. يكمن الحل دائما بتفضيل لبنان على كافة ما يدور حوله، من هذا المنطلق يستطيع الوطن النهوض، ويستطيع المواطن العيش بأمان.