نسير يوميًّا في طرق مُعبَّدة بألسنة الناس التي تُثرثر دون أن تُفكّر. لو صادفتَ طفلًا فوضويًّا يعبث بألوان الحياة ويُحدث الفوضى، لا توبّخه بل دعه يستمتع بضجيجه وبراءته ربّما مستقبله سيكون عبارة عن صمت، عبارة عن وحدة أو، كم من بيوت تشتهي هذه الفوضى. لو التقيتَ شخصًا بشعر أبيض ووجه مزركش بالتجاعيد، لا تحكم عليه أنّه عاش عمرًا طويلًا أو عانى كثيرًا، لعلّ هذه التجاعيد التي تُحيط بفمه هي عصارة شخص أمضى عمره مبتسمًا للأقدار بحلوها ومرّها، وشعره الأبيض هو نتاج إنسان أشبع عقله فكرًا وعلمًا. لو لمحتَ أحدًا بملابس قديمة بالية لا ترمقه بنظرة الإزدراء، فملابسه المطرّزة بالبساطة تفوق أفخر الملابس ذات العلامات التجارية الباهظة الثمن. ملابس قديمة معطّرة بالدفء والحبّ أجمل بكثير من ملابس باهظة الثمن، خالية من الإنسان نفسه الذي يرتديها. عندما ترى إنسانًا انطوائيًّا انتقائيًّا، لا تنعته بالاكتئاب والمرض النفسي، لعلّك لو اطّلعتَ على قلبه وعرفتَ معاناته لعظّمتَ معنى النعم التي لطالما أغرقتك، ابتسم لسعادة الآخرين وادعُ لهم بدوامها. أوقِد شمعة سعادتك من فتيل سعادتهم. إذا وجدتَ منديلًا مرميًّا على حافة الحياة لا تشتم الرامي، ففي داخل هذا المنديل ألف حكاية، ومَن يدري لعلّه جُبِلَ بدموع منكسرة فتساهم بلملمتها، أو لآخر من فرط بهجته رماه فشاركك فرحته. تذكّر أنّ إماطة الأذى عن القلوب كما إماطتها عن الطريق صدقة. أكرِم الناس بحسن ظنّك، لا تتكبّر على الخلق، فكلّنا وُجِدنا من العدم. قلوبنا من زجاج، لِنُساهم بترميمها بالكلمة الطيّبة بدل كسرها بسذاجة عدم انغماسنا بالأبعاد الحقيقية للأشياء. كم من كلمة أماتت وأخرى أحْيَت. لِنُرَوِّض اللسان على التفكير قبل الحكم. اِعلَم أنَّ الكلمة التي تخرج لا يمكن إعادتها، تُسافر في زوارق القدر، وكما تُدين تُدان.