كفراشة تبحثُ عن مكان يأويها، كطفلة صغيرة تُدلّل شعرها هاربة إلى ملجأ يُدفئ حنينها، كربيع جميل اُستقبل بعد طول شتاء، ووروده عمّت بعطورها كلّ الأرجاء، كأُنس عذبٍ كلّما اقتربتَ منه تألّقتَ وارتقيتَ... هكذا أُريد أن أكون!
أُريدُ أن أخرجَ من وطأة الظّلمات إلى النّور، أُريدُ أن تنتهيَ رحلة الألف ميلٍ بقطار لم يجدْ له محطةً للاستراحة بعد.
أُريدُ أن أعتزلَ هُمومي وأحزاني، وضغوطاتي ومخاوفي، أتركها وحيدة في زاوية مُعتّمة كي يُتاحَ لي الخروج إلى آفاقٍ من الأحلام.
أريدُ هدوءًا اشتقتُ إليه كثيرًا، يُداويني، يُقوّيني، يأخذني معه إلى حيثُ أبتغي، وإلى حيث أشتهي.
صعبٌ عليك أن تُقاسيَ جبروة هذه الدّنيا. صعبٌ عليك أن تبقى منتظرًا ومنتظرًا. أن تبتعدَ كلّما اقتربتَ من نقطة البداية. وإذا نجحتَ ووجدتَ لك مكانًا فيها تقذفك إلى الوراء من جديد!
العُزلة المؤلمة المُشرقة، متناقضة بكلّ جوانبها. نعم أعلمُ ذلك. فإذا طالَتْ ستتعبُ من طولِ مُدّتها، وإذا قلّتْ ستضيقُ أنفاسكَ سعيًا إلى استرجاعها من جديد.
ما هذه التّناقضات الّتي يعيشُ فيها الإنسان؟ لمَ من الصّعب دائمًا أن نصلَ إلى الشّيء الّذي نُحبّه ونلوذ به بشدّة؟ لمَ هي رحلةٌ مُعرقلة ومُشنّجة ومُفكّكة إلى هذه الدّرجة؟
تساؤلاتٌ عدّةٌ كالعادة... وأفكارٌ مُبعثرةٌ تمرُّ كلّ يومٍ بتفاصيل عيشك مُعسّرةً استقرار طريقه.
ولكن هل أنت قادرٌ على تخطّيها؟ هل أنت حاضرٌ لمحوها من ذاكرتك كي تلقَ هَنَاكَ أخيرًا بما تبقّى من عمرك؟
ربما المُحاولة ستنفع. ربما، فدعونا نبدأ بشيءٍ منها على الأقل!