من البعيد سآتي إليك أزورك بروحي التي سترفرف نحو منزلك، نعم أنا الطائر الصغير الذي لن يبتعد عن زجاج نافذتك ولا عن سياج شرفتك. تخافين أن تلاقيني وتمسكين بأجنحتي فتتعلقين بي مجدداً بجنون وتركضين مسرعة خارج أسوار حديقتك فيلومك العالم ويعتبرك خارجة عن القانون والعادات، ويتدمّر عالمك الآمن ويغدو محاطاً بالفوضى والضجيج والألم. نعم تودّين أن أكون ولكن لا أن أقترب، تريدنني أن أبقى معك ولكن من دون ملامسة يديّ أو سماع صوتي. ولكنّ روحك ترغب البقاء بشغف وشوق كبيرَين. أفهمك يا أميرتي، يا ملاكاً نبضت به الحياة في روحي حينما كانت أرض عمري صحراء قاحلة.
أدرك جيداً كلماتك القاسية الجارحة حينما أقترب قليلاً فتصيبني سهام الحزن والوجع، ولكن أعود وأستدرك حالك الصعبة وأنصت للصدى الذي يتردد خلف كتاباتك وصمتك، فأشعر بحبك الكبير وأسمع خفقان فؤادك الذي يخرق روحي ويدخل في عروقي هاتفاً: " إنها هي يا جاهل، إنها ملاك الروح وللأبد حبها لك ولكن من البعيد". أرفرف بجناحي وأتنقّل بين الحروف مراراً ثمّ أذرف دمعة حبي الطاهر على أدراج مملكتها وأغرد قائلاً: "مهما تكلّم الخوف من ثغرك ورمى رصاص القسوة إلى أجنحتي سأبقى معك أحميك وأُطلق من البعيد تغريدات من روحي وهمسات من فؤادي تخبرك أنني معك، وتساعدك على مواجهة كلّ الصعاب، وتحضن روحك الطيبة الطاهرة بدفء حبّي، وتغمر فؤادك النقي بإحساسي الصادق وباحترام مقدّس لشخصك ولمبادئك. نعم سأبقى ولو من البعيد بجسدي ولكن روحي غدت في أعماقك، وروحك نجت وهربت من كلّ هذا العالم وحفرت مسكنها في صدري إلى الأبد.