كيف سأبدأ؟ أو من أين سأبدأ؟ من الحياة؟ أو من المجتمع؟ أو من أين أنا؟ ولماذا نحن هنا؟ ومن أجل ماذا نعيش؟ هل نحن في حلم أو وهم، أم مجرد خلايا تتصارع لكي تحصل على الحياة؟ نبدأ تخبطنا فيها؛ نبدأ أطفالًا نعجز عن القيام بأنفسنا ونظل تحت عباءة أهلنا، ونترعرع في أحياء لا نختارها نحن، بل يختارها أهلنا وأقاربنا. نمضي أول 15 عامًا من حياتنا دون أن نفهم ما يدور حولنا في هذا المجتمع.
عندما نبلغ الـ 18 عامًا من عمرنا، نبدأ بالتعرف على أناس لا نعرفهم ولا نريد التكلم معهم، ولكننا نعرف أن هذه هي سنة الحياة ويجب المضي فيها حتى وإن لم نكن نرغب في ذلك، لأنها مفروضة علينا. نحارب للدراسة والعلم، ولكن من يعلمنا هم أناس لا يعرفون شيئًا عن التربية ولا عن التعليم، يحطموننا ولا نعرف السبب. كأطفال، ليس لدينا سوى التعلم والمضي قدمًا مع الصعاب التي تدور حولنا. الرحلة الدراسية رحلة عذاب، ولكن في آخر المطاف ننهيها منتصرين لعدم استسلامنا للحياة، لكي نبدأ حياة الجامعة. كل الناس في هذا العالم يحبون حياة الجامعة، إلا نحن نريد أن ننهيها بأقل خسائر ممكنة.
من أين أبدأ مجددًا؟ من الحياة أم من الظروف أم من المجتمع؟ كل من في هذه الحياة يريدون "البوست" أو المنصب أو الاسم لكي يُسمع اسمه بين الناس، بين أقاربه، فقط لكي يتكلم بصفة "أنا". وحتى لو اضطر لفعل أشياء مشينة من أجل هذه الكلمة. يريدون المنصب، فليأخذوه! ولكن السؤال: هل أنتم على قدر المسؤولية الكافية لتكونوا فيه؟ كلنا نعرف من أنتم، ولكن لا نعرف من أين أصبحتم "أنا" وكيف، ومن أين تريدون المنصب لكي تبعثروا العالم أكثر مما هو مبعثر. وكل ذلك لكي تكونوا أنتم في المقدمة وتقولون: "نحن من حللنا الموضوع" فقط من أجل كلمة "أنا".
عندما يتكلم الإنسان عن نفسه، يفقد عقله ولا يكون في تفكيره سوى غرور العظمة، أو بالأحرى جنون العظمة. قوموا بكل شيء تريدونه من أجل "البوست"، وادفعوا أموالكم غير المعروف مصدرها للعالم لكي يكون بالقرب منكم. تستغلون الحاجة من أجل مصالحكم، افعلوا ما تشاؤون، ولكن اعلموا أن النهاية وخيمة.
وكل ذلك من أجل كلمة قد تنجلي بعيار ناري واحد...
لا تستحق الكلمات كل ذلك الاستطراد. كن جيداً ليذكرك العالم فحسب. ولا تشتري صمتهم بأشباه الإنجازات... وسخافة الألقاب.