تخرسن قلمي وجف الدم في عروقي، تصبّرت عيناي وشُلت أفكاري، غدوت صنماً جامداً لا حياة فيه سوى قلبه الذي يسكنه ملاك الروح ودموع تنهمر مطراً على جسدي. نعم أصابني الذهول والوجع من صاعقة سقطت على رأسي وحطمت كل أجزائي، سيف قطع شراييني ومزّق صدري. شهب نار اشتعل في حنايا روحي ورعد فجًر سمعي وحطم عظامي ليخبرني أن ملاك الروح في فم التنين وما هي إلا خطوات قليلة حتى ينهال وينقضّ عليه. وأنت هنا قابع وماذا تستطيع أن تفعل؟ انفطر فؤادي وتعصّر وجعاً وسقطت من عيني دموع من دمي. فمن أحيا الإنسان والحياة في أعماقي هو على فوهة بركان وأنا مشلول لا أستطيع الحركة أو الذهاب إليه، كم أنا رخيص في هذه اللحظات، كم أنني غير مجدٍ ولا معنى لوجودي.
عصف إعصار من الألم في كياني وحطم ودمر إرادة الحياة والأمل في أعماقي. ساد صمت قاتل لبعض الوقت ثم انتفضت روحي كالزلزال وصرخت بقوة أخافت الصدى في الوهاد: ملاك الروح لا... لاااا... لن يؤذيك أحد وأنا معك الحارس الأمين، انا سأحميك بكل ما أُوتيت من قوة بفكري، بنبضات فؤادي، بصلاتي ودعائي، بكل نفس كان لروحي سأجعله لك وسأجعله قوة تتدفق في قلبك لتثبت وتواجه ذئاب الشر وتنين المُكر والتحايل. ناداني ملاك الروح من البعيد فخرقت جدار الصوت لأجيبه وأرد عليه: لا تخف، أنا معك هنا، انا حارسك الأمين وسوف أفديك بكل وجع وجرح وعذاب لكي تكون بخير وأمان. لا تجزع يا ملاكي بل فقط مد يدك إلى صدرك فتلمس روحي وتعلم أنني رفيقك الدائم مهما أبعدتنا المسافات ومهما حجبني عنك هذا العالم القاتل. فقط ثق بي وآمن بحبي الكبير لك وستجدني في فكرك أهمس لك بوصايانا وعهدنا لنبقى بخير، ثق بي والمس قلبك وستشعر بنبضات فؤادي الجبارة تخفق لروحك السلام والطمأنينة. اعتمد على إيماننا برابطنا وبالسماء، اتكل على ملائكتنا وستجلب لك طيورها، تحوم حولك وتردع عنك كل لحظات ضعف وكل مكيدة ومصيبة قد تنزل بك. ثق بنفسك مجدداً فأنت لست كالباقين ولن تستطيع ذئاب الشهوة المختبئة تحت قناع النعاج أن تنال منك ومن روحك وطهارة قلبك. أنا معك ومعاً كما كنت تقول لي: "لا مستحيل. أنا هو وهو أنا".