شعرت بانسداد في إحدى أذني، ما اضطرني إلى زيارة طبيب مختص بعلاج الأذن. أجرى الطبيب المعاينة ووصف لي علاج قطرة على مدى أسبوع. سددت لدى سكرتيرته مبلغ خمسين دولاراً مقابل معاينة لم تتخط الخمس دقائق.
بقي الانسداد بعد الأسبوع الأول، ولم تستقر حال الأذن.
زارني صديقي مستطلعاً وضعي الصحي بعد غيابي عن لقائه الدوري في المقهى، وأشار علي الاتصال بمركز الصليب الأحمر اللبناني في مركز انطلياس في الرابية، وطلب موعداً من قسم المعاينات، مع طبيب أذن وأنف وحنجرة. حصلت على الموعد، وتوجهت إلى المركز بعد يومين.
وصلت إلى مركز الاستعلامات قبل ربع ساعة من الموعد الصباحي، وجهزت لي موظفة الاستقبال بطاقة صحية مقابل رسم قدره أربعمائة ألف ليرة، أي أقل من خمسة دولارات أميركية.
طلبت مني الموظفة الانتظار حتى يحين موعد قدوم الطبيب، الذي حضر بعد قليل، ثم دعتني للدخول إلى غرفة عيادته.
أمضى الطبيب نحو ربع ساعة في معاينة أذني الاثنتين، ثم بادرني بقوله لزوم إجراء تنظيف للأذن المسدودة، وهذا يستدعي تسديد مبلغ مليون ونصف مليون ليرة، ما يوازي نحو سبعة عشر دولاراً، لموظفة الاستقبال، بعد الانتهاء من عملية التنظيف الفورية.
أنهى الطبيب عمله بهدوء وروية، وطمأنني أخيراً أن حالة أذني الصحية هي بوضع جيد وسليم، وأنه طبيب متطوع ولا يتقاضى بدل معايناته. شكرته بمودة وحرارة، وسددت ما يتوجب علي إلى موظفة الاستقبال، قبل مغادرتي المركز.
إن الصليب الأحمر اللبناني ليس بحاجة إلى شهادتي على ما يقوم به من أعمال خيرية وإنسانية، بشكل دؤوب ومتواصل، لكنني توخيت فيما ذكرته الدلالة على حال الإهمال التي يتعرض لها المرضى في لبنان من قبل أطباء كثيرين، ديدنهم ودينهم الوحيد هو كسب المال والاستغلال.
تحية إلى متطوعي الصليب الأحمر اللبناني، أطباء وطبيبات، وممرضين وممرضات، وعاملات وعاملين إداريين، الذين يرومون خير الإنسان وصحته وسلامته.