أذهب إلى المصرف مرغماً مرة في كل شهر حتى أحصل من حسابي الجاري على مبلغ رمزي يسدد بعضاً من الفواتير الخيالية التي تصدرها شركة كهرباء لبنان، وكذلك صاحب المولد الكهربائي.
لست بصدد توضيح كيفية تأمين باقي المبالغ المتعددة التي تتطلبها أبسط ضرورات الحياة الصحية والغذائية، إنما أريد الإضاءة على السرقة الموصوفة التي تتبخر من خلالها كميات الأموال من حسابي المصرفي قسراً، وليس رضائياً.
إن الحصول على مبلغ تسعة ملايين ليرة، الذي يشكل "الكوتا" الشهرية للسحب، يستدعي حسم مبلغ ستماية دولاراً أميركياً من حسابي، إذ يدّعي المصرف، بتغطية فاضحة من تعاميم مصرف لبنان، أنها "لولار"، وليست دولاراً، وأن قيمة صرفها هي خمسة عشر ألف ليرة مقابل كل "لولار"، وليس تسعين ألف ليرة، كما هو سعر صرف الدولار في السوق العادي، أي سوق هذه السلطة المالية المتحكمة السوداء.
يدرك القارئ الكريم أن تسمية "لولار" هي ابتكار فاسد مموه لهذه العملية الحسابية الظالمة؛ حيث يحق لي استلام أربعة وخمسين مليون ليرة مقابل الدولارات الستماية المحسومة من حسابي، وليس تسعة ملايين ليرة بالية، لا تثري ولا تغني عن جوع.
إلى متى سوف تبقى هذا السرقة الموصوفة التي يتآكل خلالها رصيدي وجنى عمري؟
إلى متى سوف يطلب مني توقيع مستند نصه أن سحب المبلغ من حسابي وعلى سعر خمسة عشر ألف ليرة هو تدبير غير شرعي وغير قضائي لإسقاط حقي في ملاحقة المصرف قضائياً مستقبلاً، فيما لو تحقق هذا المستقبل الغامض؟
إلى متى سوف يبقى هذا الظلم والنهب والسلب؟
إلى متى سوف يطول صبرنا، وانتظارنا، ووضعنا الصحي، والقدرة على تكبّدنا مصاعب زحمات السير، وتحمل مصاريف التنقل والنقليات؟
عجبي، هل ينتظر المصرف "الموت الرحيم" للمودعين؟
ألا ينتظر صاحب المصرف وأعضاء مجلس إدارته، انتقال وضعية "الموت الرحيم" إلى حالة "الموت الرجيم" الذي سوف يصيبهم في غفلتهم عن تعدياتهم على حقوق المودعين؟
وختاماً، متى نصل إلى بر أمان العدالة والمحاسبة، لاستعادة ما خسرناه رغماً عن إرادتنا، حتى نحيا ما يبقيه لنا الخالق من أمل بالعيش الكريم؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.