النهار

"حلَّقت"
أرى البحار تلقي بالراحلين إلى الشمال منهم جثث على الشاطئ ومنهم أسرى لدى الخفر
A+   A-
حلَّقت بأجنحتها بعيداً
تخلخل زيف الرواة
تكسر سياط الطغاة
تمزق عصر القطيع
تحلق في الأقطار
تذوق عذب مائها
وتسكر من شهدها
بحبها الكبير
وعشقها الجميل
تفطم أحزاننا العتيقة
تصارع الرياح في قلب الإعصار
تحيل جبال الجليد زهوراً
تحمل للأطفال حدائق الورود
موطنها الفضاء الكبير
فكيف أعيدها للقفص الصغير
يتهيأ لي Hنها حلقت غريبة
تحصد الحسرة والضياع
حريتها أثمن من جبال الذهب
وتحزن لبقائنا أسرى للجدب
ترى المعذبين في العراء
يشكرون نِعَم أسيادهم
ويشحذون اللقمة لأطفالهم
يلملمون كؤوس الهواء
يدخرونه ليوم سيباع
بما تبقى لهم من متاع
بل بما تبقى من كرامة
والبحر يطوي عنقه
لا عينان له تبصران للفتى
بينما قلب الفتى ينزف في الأفق
واقفاً أمام فناره الحزين
غريباً يرحل للاحتضار
لا رادع يقف في طريقه
من يبحر في الإعصار
لا يخشى الرذاذ والبروق
فالويل له إذا توقف
والويل لمن يقترب من أحلامه
شموع تحترق في الظلام
تحيل شواطئ الأمل المستحيلة
إلى قارة للحب والجمال
وجوههم يممت نحو الشمال
وأجسادهم عالقة على الأسوار
والكلمة في العلاء تصرخ في وجوههم
لا تحزنوا لا تحزنوا
أنا من سيكسر زجاج المواعظ العقيمة
ويعيدكم لأوطانكم العزيزة
أنا من سيكشف الطلاسم
وخبايا المستور في الكلام
وفي قصور الحاكم الهمام
أرى البحار تلقي بالراحلين إلى الشمال
منهم جثث على الشاطئ
ومنهم أسرى لدى الخفر
فلا يهم، فلا يهم
المهم أنهم في بحر الشمال
بحر الشمال عطرك من دمائنا
ومن حلم القابعين في الديار
من لصقت أقدامهم على الرصيف
وهشمتهم غطرسة الزمن
من يلهثون خلف الرغيف بين الركام
ويبعثون لك اللؤلؤ والمرجان
ونفطهم الغزير بالمجان
ويعصرون صغار الأحلام من آهاتهم
يحكونها في الليالي السود لأطفالهم
على قرقرة البطون الخاوية
لا تحزنوا لا تحزنوا
أنا سفيركم للسماء
حملت عبير الاستواء
فربما يقطعون يوماً عنكم الماء والهواء
ثمة ظلام في قلب ظلام
وأنتم فوق أسوار أحلامكم العتيقة
تحدقُون نحو الشمال
لماذا تهذبون وتراكمون أحزانكم؟
وبالظلام يزداد إيمانكم
أنا من سيكسر زجاج المواعظ العقيمة
وسيقصم فتاوى اللاهوت البليدة
ويعيدكم لأوطانكم العزيزة
ويحميكم من السباع والضباع
وينقذكم من سيول الجوع والضياع
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium