في حدث غير مسبوق وبعد عام من كون إسرائيل رهينة لوضعها السياسي الداخلي المتأزم وأسر أهدافها عالية السقف بتعارض الواقع والميدان، ها هي تشد الحزام صوب عنق شمالها بعد الاختراق الأمني الذي تسابق في مخابئ التوريد ومهد التصنيع في جيوب الاختراق السيبراني على توقيت متزامن على كل مساحة المقاومة الجغرافية في لبنان وسوريا.
لربما استيعاب الفشل العسكري الإسرائيلي استند إلى نشوة مأساة تفجير البايجر وخاصة بعد إعلان حالة الطوارئ في المستشفيات، ولكن صعق بحالة التكاتف بوجه عدو حاقد عاجز عن النزال في ساحات الميدان. بحر الدم الذي سال من خاصرة لبنان وأشفار العيون سيخطو مسار الحرب بخطى تضاهي الجراح بندب واضحة وخطوط عريضة، كون التلاعب بأجهزة البايجر ليس كما بعده أبداً، ورقعة الحرب ستتوسع كما توسعت دائرة الخطر لتشمل أماكن سكن ومحال تجارية ومدنيين. وشناعة المجزرة لن تميل صوب أنفاق التوريد أو التصنيع أو حتى برك التواطؤ. إن الجهود والمساعي التي واظبت عليها واشنطن لضمان الهدوء على الحدود الفلسطينية اللبنانية كانت بمثابة تقطيع وقت لقطع الأوصال ولتتفاقم حدة المواجهات مستويات غير مسبوقة.
ولكن السؤال الأوحد كيف تدعوننا لضبط النفس ودفع التصعيد لمجاراة حل ديبلوماسي يحقق الهدوء وأنتم ترسمون خطط فرض قواعد الاشتباك بدماء شعب ما شبع من الدفاع والشهادة حتى فاضت أرضه طهارة وانتصاراً.