جاد أبو حمدان
منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، والعالم يشهد على القصف والدمار الذي يشنّه القاتل السفاح المجرم نتنياهو وجيشه على غزة. يذبح الأطفال، ويدمّر البشر والحجر، في وقت يشبه فيه المشهد كابوساً طويلاً لا ينتهي، وكأنّ القصف مجرّد مشهد مسرحي سينتهي عندما يستيقظ النائم من الضفة الى الصومال أو عندما يقرر المخرج من ليبيا إلى موريتانيا إسدال الستار. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يا سيد المقاومة لم يتمّ اتخاذ القرار بالردّ الفوري في اليوم نفسه الذي كانت فيه إسرائيل مشتتة؟ لماذا الانتظار؟ أتفهمك يا صاحب السماحة لم يأتِ الأمر بعد وحتى اللحظة لا أوامر و لا دعم.
لقد خرج الرئيس الإيراني اليوم ليقول إن "حزب الله" غير قادر على مواجهة إسرائيل وحده، وهو تصريح مفاجئ لشريحة كبيرة من مؤيّدي الحزب لا الخصوم. منذ تأسيس الحزب عام 1982، وهو يعتبر نفسه قوة عسكرية قادرة على تهديد إسرائيل، فماذا حدث اليوم؟ أين الصواريخ التي كانت تصل إلى حيفا وما بعدها؟ هل هو وهم، أم حلم لم يتحقق بعد، أو أُجبر على التراجع ؟
يا سيد "المقاومة"، يبدو أن الأيام الأخيرة قد لقنت درساً مريراً للحزب لم يفهمه على مدار العقود الماضية: لا يمكنك العيش بمفردك. لقد اعتمدت على سياسة "الاكتفاء الذاتي" لسنوات طويلة، ولكنك في لحظات اضطررت إلى استخدام المستشفيات في كل من بيروت، الإقليم، وصيدا. المستشفيات مكتظة، والجرحى يعانون. اين الاكتفاء الذاتي ومستشفى أوتيل ديو مليئة بالجرحى؟ أين الإكتفاء الذاتي واللاجئون الجنوبيون تفرّقوا بين جبيل، جونية، بيروت، صيدا، الشوف، وعاليه. فكيف يمكن الادعاء بالاكتفاء الذاتي في ظلّ هذه الظروف؟
يا سيد "الحلم" أين إيران، الحليف والصديق الإستراتيجي الذي لطالما كان تاج الرأس؟ أنت، يا سيد "التحرير" باعتراف الجميع، خصمك قبل حليفك يتحلى بذكاء حاد وقدرة تحليل استثنائية في السياسة، فكيف تقرأ اليوم تصريحات المسؤولين الإيرانيين؟ هل حقاً يمكن تفسير استشهاد رئيسي ووزير خارجيته بسبب "الطقس" كما يروّج البعض؟ تصريح بزشكيان الأول حول ضرورة "الانفتاح ومدّ يد السلام للغرب" في المرحلة المقبلة، ألا يعني أنّ الموازين قد تغيّرت؟
لن نتمكن من اختصار كلّ المشهد في هذا المقال، ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح: هل "حزب الله" حلم يتّجه إلى التحقق، أم وهم كبير يجري استغلاله؟
أنتم زعمتم أنّ من قام باغتيال قامات استثنائية في هذا الشرق من قوى 14 آذار حينها هو العدو نفسه الذي يقاتلنا اليوم.
كل التعاطف مع من لم يقاتل في 7 أيار، وكل التقدير لمن لم يشارك في تصويب بندقية القدس إلى الشوف وعاليه في 11 أيّار، وكلّ الدعاء إلى من لم يوزّع الحلوى في ١٤ شباط و١٢ كانون الاول ٢٠٠٥، والاحترام للذين استنكروا محاولات اغتيال مروان حمادة ومي شدياق وحمدوا الله عز وجلّ على سلامتهما وليس العكس. الى هذه الشريحة نقول بيوتنا بيوتكم.
إلى الإخوة الشيعة أقول: أنتم قامات استثنائية وقوى جبارة، وبعضكم أصحاب فكر إنساني حضاري شيوعي، وبعضكم حمل قضايا الأمة الإسلامية والعربية من خلال الامام المغيّب موسى الصدر الذي كان يخطب في الكنائس قبل الجوامع. ألم يحن الوقت بعد عشرات السنين من الحروب العبثية للتفكير ملياً وإعادة النظر في هذا المسار...؟