أعلمُ جيداً ما يختلج في قلبك من إيمان بالله والوطن، وأفهم حسناً مبادئك التي أجلّ وأحترم. أحلامي طيّبة كأحلامك، مزيّنة بالعنفوان والقوة والكرامة.
الفرق أنّك أنت في خضم المعارك تواجه العدو الغاشم، الذي لا يعترف بوجودنا، ولا ببلدنا، وأنا بعيد عنك أشعر بالأمان وأنعم بالنوم العميق. أنا أرتّب منزلي، وأحرث حقولي، وأنت تنظر إلى بيتك الذي هُدم ودُمر، وإلى أرضك التي احترقت بالقذائف والصواريخ. أولادي يتعلّمون في المدارس، أمّا أولادك فمنهم من تشرّد، ومنهم من استُشهد.
أخي المقاوم: لقد قاومت في فترة من الزمن مثلك للدفاع عن وطننا، ودفعنا الكثير من الدماء؛ وأفهم جيداً معنى الجهاد والدفاع عن الأرض. واليوم، أنا في منزلي، أراقب من البعيد جهادك والبطولات التي تحققها من أجل أولادي. لا يكفي أن أقول إن روحي معك وصلاتي دوماً لأجلك، بل أنا مستعد لمساندتك وتقديم المساعدة بحسب قدراتي، ولو بفلس الأرملة؛ فهذا يشعرني بأنني إنسان حقيقي ومسيحيّ أقوم بواجبي تجاه أخوة لي، وبأنني لبناني من وطن العزة والكرامة، من لبنان.
أخي المقاوم: دماؤك مقدّسة، عطر ذكيّ فوّاح وبخور على مذابح الكرامة. نضالك شرف لي وللأجيال القادمة. بك أفتخر وأعتزّ أمام الأمم أجمع بأنني لبناني!
أسأل الله أن يحميك وينصرك، وأن تعود إلى ديارك سالماً معافى، وأن تعود إلى أرضك التي تُنبت قمحاً وأزهاراً، فآتي نحو قراك يوماً، وألتقي بك مع أولادي، لأعرّفهم على أخٍ لم تلده أمّي يوماً.