في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحيّة الصعبة التي يمرّ بها لبنان، كان الخيار للاعب كرة اليد اللبناني علي قبيسي خوض تجربة احترافية هي الأولى له، بعدما انتقل في موسم 2020-2021 إلى فريق رادوفيس المقدونيّ للمشاركة في دوري السوبر المحليّ.
لم ينتظر ممثل لبنان كثيراً حتى يُثبت جدارته، ويؤكد أن المواهب اللبنانية قادرة على صنع الفارق حين تسنح لها الفُرص، حيث نجح قبيسي في قيادة فريقه إلى البقاء ضمن أندية "الأضواء" في الدوري المحلي.
فاز رادوفيس بـ11 مباراة متتالية، ليضمن البقاء بين أندية النخبة، علماً أنه في ذلك الموسم هبطت 5 أندية من أصل 8 إلى الدرجة الثانية، بعدما بقيت الفرق جميعها في "الأولى" مع نهاية الموسم قبل الماضي، بسبب فيروس كورونا.
واحتلّ الفريق، الذي يلعب في صفوفه قبيسي، المركزَ الثالث في الترتيب، وكتب التاريخ فوزه بـ11 مباراة على التوالي.
وسجّل اللاعب اللبنانيّ 33 هدفاً خلال 9 مباريات، منها 7 أهداف في مباراة الفريق الأخيرة، والتي كانت مهمّة على صعيد الترتيب.
لماذا كرة اليد؟
في سن الـ14 عاماً، اختار قبيسي (مواليد 28 شباط 1998) لعبة كرة اليد في مدرسته، بدلاً من ألعاب أكثر شعبية مثل كرة القدم وكرة السلة، وذلك "لأنها لعبة قوية وتحتاج إلى جهد بدني وجسدي".
وبالرّغم من أن المدرسة قرّرت إلغاء كرة اليد، فإنّ علي واصل تدريباته الخاصة، وانتقل لممارسة كرة السلة مع فريق مدرسته.
وقال قبيسي لـ"النهار": "بعد تخرّجي في المدرسة، كنت مصرّاً على متابعة الطريق في لعبة كرة اليد، وهذا ما حصل في الجامعة، حين دافعت عن ألوان الفريق، ممّا منحني فرصة اللعب مع المنتخب اللبناني تحت 21 عاماً بقيادة المدير الفني الصربي فلاديمير غليغوروف، إلى جانب نادي الصداقة (بطل لبنان)".
مهمة أصعب
وبعدما فرض نفسه سريعاً على الساحة المحليّة، قرّر قبيسي خوض تجربة احترافية لاقت إشادات واسعة في مقدونيا الشمالية، حين ارتدى قميص فريق رادوفيس.
موسم واحد كان كافياً لينجح اللاعب اللبناني في جذب أنظار الأندية الأوروبية إليه، وكان اختياره الانضمام إلى نادي سكوبيا المعروف في مقدونيا الشمالية، وهو أحد الأندية البارزة في العاصمة، وترأسه نجمة المنتخب الصربي السابقة أدريانا بوديمير، بعقد لمدّة موسمين.
وأكّد قبيسي أن هدف النادي البقاء في "السوبر ليغ" في ظلّ منافسة قوية مع العديد من الأندية، والمنافسة على الدخول في "فاينل 6" الدوري.
اهتمام لبناني
وبعد تجربة مميّزة للاعب اللبناني في موسمه الاحترافيّ الأول، تمنّى أن تعمل المدارس والجامعات بدعم من الاتحاد اللبناني لكرة اليد من أجل الاهتمام أكثر باللعبة، في محاولة لبناء جيل جديد قادر على تمثيل لبنان في المحافل الخارجية والدوريات العالمية.
وأشار قبيسي إلى أن "المواهب اللبناني متوافرة، لكن ما نحتاجه هو تنظيم مسابقات أكثر، وتطوير اللعبة من خلال نشرها أكثر في المدارس والجامعات، والمشاركة في بطولات قارية ودولية".
أضاف: "تقع المسؤوليّة أيضاً على الأندية، التي لا تهتمّ كثيراً باللعبة، بالرّغم من أنها قادرة على تطوير المستوى في الدوري المحليّ والتعاقد مع لاعبين مميّزين".
وأكد قبيسي أن الاتحاد اللبناني لم يقصّر معه حين انضم إلى المنتخب اللبناني تحت 21 عاماً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نادي الصداقة، مطالباً بالمزيد من العمل في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد التداعيات السلبيّة التي فرضها فيروس كورونا في الفترة الأخيرة.
سطع نجم علي قبيسي في أحد الدوريات الأوروبيّة، وبات اليوم محطّ أنظار العديد من الأندية، لا سيّما أنه في سنّ العطاء (23 عاماً)، وطموحه لن يقف عند هذا الحدّ، فهو يستعدّ لمواصلة دراساته العلميّة وهذه المرّة في مجال الرياضة.