تهتز مدرجات ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء على وقع الأناشيد التي يرددها جمهور نادي الوداد البيضاوي لكرة القدم بينما يرفعون "تيفو" ضخم مع بدء مباراة للدوري المحلي، على عادة مشجعي النادي حامل لقبي الدوري المغربي ودوري أبطال إفريقيا.
ملأ حوالي عشرة آلاف من التراس "الوينرز" ليلتها المدرج الشمالي للملعب وقدموا فرجة مبهرة، في مستوى سمعة المشجعين المغاربة الذين تسرق عروضهم الأضواء من اللاعبين.
حمل "تيفو" الليلة عبارة "أرواح حرة" بالانكليزية، ورفعه آلاف من مشجعي الفريق الأحمر في تناسق تام. ويخوض الوداد البيضاوي اعتبارا من الغد منافسات مونديال الأندية التي انطلقت الأربعاء في المغرب والتي يمني النفس بالظفر بلقبها.
وكانت البطولة قد افتتحت بعرض فني مبهر في ملعب "ابن بطوطة" في مدينة طنجة، ثم تغلب الأهلي المصري على أوكلاند سيتي النيوزيلندي 3-0 في لقاء الإفتتاح ليتأهل الى ملاقاة ساندرز الاميركي في ربع النهائي، بينما يواجه الوداد بطل افريقيا الهلال السعودي بطل آسيا.
صنفت صفحة "التراس وورلد" التي تعد مرجعا عالميا على مواقع التواصل الاجتماعي، التراس "الوينرز" أفضل جمهور في العالم للعام 2022. ويبهر أعضاؤها المشاهدين بأناشيد ورقصات وشهب اصطناعية.. في ما يشبه لوحات استعراضية تتم إضاءتها ليلا مصابيح الهواتف الذكية.
بدورهم يشتهر التراس نادي الرجاء البيضاوي، الغريم التقليدي للوداد، بصناعة الفرجة على المدرجات، والتي غالبا ما تبلغ ذروتها في لقاءات الدربي حيث يتنافس الجمهوران في خطف الأضواء. وتحظى هذه الفرجة أحيانا باهتمام وسائل الإعلام قدر اهتمامها بالمباراة في حد ذاتها.
يوضح عالم الاجتماع عبد الرحيم بورقية أن حضور الالتراس في الملاعب "يقترن بصناعة الفرجة، فهي طريقتهم للتعبير عن أنفسهم والإعلاء من قيمتهم".
ويحرص التراس "غرين بويز" و"الترا إيغلز" للفريق الرجاوي، أيضا على إبراز أناشيدهم الملتزمة في مواقع التواصل الاجتماعي. ويلاقي بعضها انتشارا واسعا خارج المغرب مثل أغنية "في بلادي ظلموني" قبل بضعة أعوام. وقد ردد هذا النشيد مثلا في تظاهرات الحراك الشعبي الذي شهدته الجارة الجزائر بين 2019 و2020، وأيضا في فلسطين.
لكن التراس الوينرز وكذا التراس نادي اتحاد طنجة (شمال) سبق لهم أيضا أن استعملوا شعارات ملتزمة في أناشيدهم، حيث تصبح الملاعب "فضاءات للتعبير" حسب بورقية الباحث المتخصص في الموضوع.
يبدو إبداع الجماهير المغربية دون حدود، في بلد يعشق الكرة وما يزال منتشيا بالإنجاز التاريخي لمنتخب بلاده في مونديال قطر حيث بلغ الدور نصف النهائي لأول مرة في تاريخ المشاركات الإفريقية والعربية.
وتستوحي تيفوهات الوينرز إبداعاتها، في العموم، من ثقافة البوب الغربية بالاستلهام مثلا من سلسلة لعبة العروش الشهيرة أو شريط المانغا ديث نوت، بينما يستعمل التراس الرجاء أحيانا إحالات غير متوقعة.