أهلاً بكم في عالم نحت الجسم بالرياضة و"بودرة البروتين". أصبح تحسين وتجميل الجسم عبر الرياضة نمط حياة للكثيرين والكثيرات، بتفاصيل هذا العالم الواسع وأسراره. ومن هذه الأسرار الشائعة، تناول ممارسي الرياضة الراغبين بتنمية العضل وتشكيله، بودرة البروتين. وتتعدّد أنواع هذه البروتينات وفقاً لمصدرها، سواء النباتية منها، أو الحيوانية، لتلبّي مختلف أهداف روّاد النوادي. وفيما يُتداول عدم استحباب تناول هذه المواد، نسأل: هل تناولها مضرّ بالصحة؟ ولماذا هي ضرورة بالنسبة إلى الرياضيين؟ وكيف يمكننا التمييز بين المسحوق المغشوش والجيّد؟
"من الضروري جداً أن أتناول مسحوق البروتين لأحافظ على شكلٍ معيّن، فالبروتين يكبّر العضل، وأنا بدأت بناء عضلي منذ حوالي 4 سنوات، وقد نصحني مدرّبي بتناول البروتين منذ أن دخلت عالم الرياضة"، هذا ما تؤكده هبة نصور،مدربة رياضية خاصة في حديثها لـ "النهار". وتشرح أنّ من الصعب أن تغطّي كمّية البروتين المطلوبة من الطعام فقط، "فمهما أكلت من اللحوم والحبوب، فلن يسعني أن آكل بكمّيات أكبر من طاقتي".
ومن تجربة هبة، تؤكّد أنّ تناولها لهذا المسحوق لم يؤذها يوماً لا بل على العكس، يقوّيها. وقبل الأزمة، كانت هبة تشتري هذا المسحوق بـ80 دولاراً، من نوع البروتين المركّز. أمّا الآن، فتشتري نوعاً آخر بـ50 دولاراً من البروتين المخلوط مع الدهون والنشويات.
ما هي مساحيق البروتين؟
هي مصادر مركَّزة للبروتين من الأطعمة الحيوانية أو النباتية، مثل منتجات الألبان واللحوم والبيض والأرز أو الحبوب. وهناك 7 أنواع هي التالية:
- بروتين مصل الحليب، وهو بروتين الحليب السريع الامتصاص ويعزّز نموّ العضلات واستعادتها.
- بروتين الكازين، وهو بروتين موجود في الحليب يبني بالتدريج كتلة العضلات ويساعد على فقدان الدهون.
- بروتين البيض، وهو بروتين مصنوع من بياض البيض، ويوفّر الأحماض الأمينية الأساسية التسعة.
- بروتين البازلاء، وهو بروتين عالي الألياف مصنوع من البازلاء الصفراء التي تعزّز الشبع.
- بروتين القنّب، وهو بروتين نباتي غنيّ بالدهون الصحية والعديد من الأحماض الأمينية.
- بروتين الأرز البنّي، وهو بروتين مصنوع من الأرز البنّي، ويفيد تكوين الجسم
- بروتينات نباتية مختلطة، تمتزج لزيادة التأثيرات الإيجابية على صحة العضلات.
وبعض المساحيق تكون مدعَّمة بالفيتامينات والمعادن، وخاصة الكالسيوم، ومنها مكوَّن بشكل أساسي من البروتينات، ومنها من خليط من البروتينات والدهون والسكريات، ومنها من البروتينات المنتَجة عبر تسخين الحمض الأميني أو الأنزيمات.
ما دواعي تناول مسحوق البروتين لدى الرياضيين؟
يجد الرياضيّون والأشخاص الذين يرفعون الأوزان بانتظام، أنّ تناول مسحوق البروتين يساعد على زيادة اكتساب العضلات وفقدان الدهون. ويورد المدرب الرياضي، أحمد برو، في حديثه لـ"النهار"، أنّ مسحوق البروتين هو مادة مساعِدة في بناء العضلات لأنّ "الجسم لا يمكنه تنمية الكتلة العضلية بالشكل المرغوب والوقت المتمنى من دون بروتين، والذي لا يستطع تغطية حاجاته اليومية من البروتين عبر الطعام، عليه تناول دفعة من مسحوقه".
وعن إرشادات تناول هذه المساحيق، يفيد برّو أنّ أغلب مساحيق البروتين ينبغي تناولها صباحاً بعد الفطور بحوالي ساعة أو ساعتين وبعد التمرين، عبر تحضير مشروب البروتين. الأشخاص النحيفون خصوصاً، هم أكثر حاجةً من غيرهم إلى تناول مساحيق البروتين. لكن لا يمكن الاكتفاء بتناولها فقط لبناء جسم جميل وعضل بارز، فالأمر يحتاج إلى نظام غذائي سليم وصحّي بالتوازي. وتناول هذا المشروب دون اتباع نظام رياضي منتظم وملائم لكل شخص، لا يأتي بالنتائج المرجوّة.
وعمّا إن كانت مضرّة، برأي برّو، فإنّ "تناول هذه المواد ليس مضِرّاً شرط تناولها في إطار إرشادات المدرِّب أو اختصاصي التغذية. لكنّه يشدّد على مَن يتناول المسحوق أن يكون عمره فوق الـ18 عاماً، وأن يستشير طبيبه لأنّ هناك شباباً يسيرون بنصائح أصدقائهم في ما يتعلّق بمعدّلات المسحوق اليومية، ما قد يؤدّي إلى مشاكل صحّية. كذلك، على الأهالي مراقبة أولادهم إن كانوا يتناولون هذا المواد في سن المراهقة.
المدرّب الرياضي أحمد برّو.
وضرورة التنبّه إلى جودة المسحوق المتناوَل، أمر في غاية الأهمية وفق برّو، إذ أصبحت هناك جهات تعبّئ هذه المواد المجهولة المصدر، وتطرحها في السوق، كما يجب الحذر من المواقع الإلكترونية المروِّجة لأنواع رديئة من هذه المساحيق.
هل يمكن تمييز المسحوق الجيّد من الرديء؟
ومع انتشار مفهوم تناول مسحوق البروتين بين الفئات العمرية المختلفة في النوادي الرياضية، وبطريقة عشوائية في كثير من الحالات، لا بدّ من السؤال عن كيفية التأكد من نوعية مسحوق البروتين.
علي حميّة، أحد تجار بيع مساحيق البروتين، يوضح ما يجب النظر إليه لدى شرائها. أولاً لا بدّ من التحقّق من طريقة استخراج المسحوق من مصل الحليب وهناك طريقتان: iron exchange وCFM، ونجد أنّ الأخرى هي الأكثر صحّة.
كذلك، يجب التأكّد من مصدر الحليب، ومرعى البقر ينتجه، ونظافة العلبة وحفظها والتوضيب الجيد. ومن المهم أيضاً شراء هذه المساحيق من وكيل العلامة التجارية المعروفة للشركة المصنِّعة.
وفيما المصنّعون هم بشكل أساسي من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، يتبع كلّ منهم معايير بلدهم في إنتاج هذه المساحيق، نجد في لبنان ممارسات مخالِفة من قِبل بعض الموزّعين الذين يتلاعبون بتاريخ انتهاء الصلاحية ويخلطون المسحوق المغشوش بالمسحوق الجيد لزيادة مبيعاتهم.
وهناك مصانع خارجية تبيع بالجملة و"الشوالات" لمصانع التعليب في لبنان، وفي هذه الحال، من الصعب كشف جودة المسحوق وما يقوم به الموزِّع فيه.
وعلى الشاري شراء مسحوق البروتين من موزِّع موثوق لعدم الوقوع في تلاعب الدخيل على هذا المجال.
وعن الأسعار، يبدأ سعر مسحوق البروتين المصفّى بنسبة 75 في المئة، والذي يكفي لحوالي 60 جرعة، من 45 دولاراً ويصل إلى حوالي 70 دولاراً.
ما الرأي الطبّي في تناول مسحوق البروتين؟
كثيراً ما يُشاع أنّ تناول مسحوق البروتين مضرّ بالكلى بالتحديد، فوظيفة الكلى بشكل أساسي، هي التخلّص من الفضلات والسوائل الزائدة عن حاجة الجسم، وإعادة امتصاص المواد الغذائية من الدم، والمساهمة في تنظيم ضغط الدم.
في هذا الإطار، وفي حديث مع رئيسة قسم أمراض الكلى في مستشفى Bellevue، الدكتورة شادية بعيني، تورد أنّه "ليس هناك ما يثبت أنّ تناول مساحيق البروتين بكمية كبيرة يؤثّر في وظائف الكلى لدى الأشخاص غير المصابين بمشاكل في الكلى"، بحسب دراسات واسعة في هذا المجال.
لكن يتّفق أغلب الخبراء على أنّ مَن يعاني من مشاكل في الكلى، ويتناول كمية كبيرة من هذه البروتينات يتأثر سلباً في وظائف الكلى، علماً بأنّ بعض الأبحاث غير المبنيّة على تجارب حيّة، أثبتت أنّ تناول هذه البروتينات حتى من قِبل الأشخاص السليمين من أمراض الكلى، قد يؤثّر على وظائف الكلى لديهم، ما يبرهن الاتجاهات الواسعة لنتائج الدراسات.
بعيني تورد أنّ تناول كمية كبيرة من هذه البروتينات قد يؤثر على الكلى لاسيما عند من يعانون مشاكل صحيّة، فهي تشغّل الكلى أكثر ما يؤدي إلى فرط في الترشيح داخل كل خلية من خلايا الكلية، ونكون أمام عملية مشابهة للعملية التي يؤذي فيها السكري وارتفاع ضغط الدم، الكلى. ويمكن أن نربط إذن، أنّ "تناول مسحوق البروتين بكمية كبيرة، مشابه لمَن يعاني ارتفاعاً في الضغط أو من السكري. وعلى المدى الطويل، قد يؤثر ذلك على الكلى".
لكن بعيني تنصح مَن يرغب في تناول هذه المساحيق، من الأشخاص العاديين، بعدم تناولها لفترة طويلة، وعدم تجاوز كمية 1,5 غرام للكيلوغرام من وزن الشخص في اليوم، وهي كمية يمكن للكلى التحكّم بها، إلى جانب تأكّد الشخص من أنّه سليم من أيّ عوامل أخرى قد تؤثر في عمل الكلى. فمثلاً يجب ألّا يكون الشخص من مرضى السكري أو من مرضى الضغط أو يعاني من مشاكل في الشرايين أو أي مشاكل تتعلّق بالكلى والدم، مع العلم بأنّ هذه النصائح لا تستند إلى تجارب مثبَتة بل إلى بعض الأبحاث النظرية.