أحيا نادي الحكمة الرياضي بيروت، للسنة الثانية تواليا، ذكرى شهدائه الذين سقطوا في انفجار 4 آب بذبيحة الهية اقيمت في كنيسة سيدة النجاة في منطقة المدور ببيروت.
حضر القداس إلى جانب الهيئة الإدارية للنادي وأهالي الشهداء، رئيس مجلس الأمناء النائب غسان الحاصباني، محافظ بيروت القاضي مروان عبود، رؤساء نادي الحكمة السابقين، رؤساء مجالس الأمناء السابقين، رئيس المجلس العام الماروني المهندس ميشال متى، بيار أنطوان شويري وحشد من جمهور النادي.
واحتفل بالذبيحة الالهية الآباء مارون عودة، ريشار أبي صالح وجان-بول أبو غزالة. وقال عودة في عظته: "إخوتي المحبوبون من الربّ يسوع، نقدم قرباننا اليوم في كنيسة سيّدة النجاة التي تقع في منطقة أرادوها أرض دمارٍ ورمادٍ حيث يسود الموت على الحياة، وها نحن نجتمع اليوم حول مريم أمّ الله التي عاينت ذات يومٍ إبنها الربّ يسوع المسيح مصلوبًا وذرفت دموعها عليه مكلّلًا بالشوك، قبل أن تصرخ بوجه بيلاطس وذوي القتل والموت "المسيح قام حقًّا قام". نحتفلُ اليوم معلنين أنّ الله حيٌّ لا يموت، وإرادته أن تكون هذه المنطقة أرض حياةٍ يعيش عليها شعبه المختار في محبّةٍ لبنانيّةٍ وتعاضدٍ أخويٍّ، ليكن شعبَهُ مطمئنّ القلبِ وهو إلهٌ مسبّحٌ على الدوام." وأضاف: "نصلّي من أجلِ أحباء كانوا بالأمسِ القريب أعضاء فعّالين في (الجمعية العمومية) لنادي الحكمة بيروت، وبالرغمِ من أنّ القاتل أراد قتل طموحهم ودفن أحلامهم قبل كسرِ قلوب أمهاتهم وجرحها، نجتمع اليوم نحن المؤمنون بالقبر الفارغ وبكلمة الربّ يسوع القائم من ذاك القبر، إذ قال: "ثقوا، فأنا غلبتُ العالم" كلّ مرّةٍ عانيتم ظلمًا وضيقًا في العالم. نحن نقدّس ونصلّي لأنّنا نؤمن أيضًا أنّ لنا به سلامٌ لا ينتزعه منّا قاتلٌ، وأن أحلام أعضاء نادي الحكمة لا يقتلها إنسانٌ، وهنا أجيالٌ طامحة مستعدة، لا تعرف الإستسلام بل تريد تحقيق أحلام أحباء سبقوهم إلى حضن الآب السماويّ، وهم اليوم مستعدون لجرفِ الرماد وإعمار ما تهدّم لأنّ ثقتهم بالربّ يسوع قويّة وصامدة، لا يعرفون الخوف من الموت ولا السقوط أمام ضيق العالم، لأنّهم يحملون في أيديهم مشعل رفاقهم الأحباء، وتلمعُ أحلامُهم في عيونهم، ويخفقُ في قلوبهم سلامٌ من الربّ يسوع المسيح. إخوتي الأحباء، لا ننكر أنّ ذاك الرابع من شهر آب سنة 2020 كان قاسيًا مدمّرًا قاتلًا، ولكنّنا أبناء الرجاءِ بالربّ يسوع، فلا يسمح لنا إيماننا به السقوط أمام هول المأساة، ولا تسمح لنا تقاليدنا اللبنانيّة المسيحيّة الخوف من الشرير، ولا تسمح لنا أخلاقنا المسيحيّة أن نبادل الشرّ بالشرّ، بل واجب علينا أن نحمل على أكتافنا إرادة الله الآب ونعمل على تحقيق مشيئته القدوسة ولو وسط جيلٍ معوجٍ، فيجب علينا أن نبادل الشرّ بالخير، وأن نعمل على بنيان ما قد تهدّم وإعادة الحياة إلى شوارع بيروت، لأنّنا أبناء الرجاء ولا سبيل للموت والدمار إلى قلوبنا. لا نذكر من الماضي سوى أن مريم العذراء سيّدة النجاة ذرفت دموعها يوم الجمعة العظيمة فقط، وها هي منذ سبت النور تصرخ بوجه الجميع "المسيح قام حقًّا قام"، فلنكف عن البكاء فالماضي كان ولن يعود، وها هي سيّدة النجاة حاضرة بيننا بالرغم من دمار المنطقة برمّتها، ونحن واقفون هنا وما علينا سوى الإيمان بذاك السبت وأن نلتجئ إلى ظلّ حمايتها لأنّها لا ترد طلبتنا عندما ندعوها، فهي سيّدة النجاة ونحن لها مخلصين. إخوتي الأحباء، نحن أهل العرفان بالجميل، كيف لنا أن ننسى رئيس نادي الحكمة الأسبق المرحوم أنطوان شويري، عندما زرع الفرح في قلوب الأطفال والبسمة على وجوه اللبنانيّين جميعًا، في وسط زمنٍ معوجٍّ رديءٍ يشبه زمننا هذا، أنجز ما أنجز وحقّق ما حقّق لأنّه آمن بقدرات شباب الحكمة فاتكل على نواياهم الخلاقة والصالحة ودفع بهم إلى تحقيق حلم كلّ لبنانيّ ولبنانيّة، وهذا ما ننتظره منكم اليوم رئيس وأعضاء إدارة نادي الحكمة، فالحصاد كثير والفعلة قليلون ولكنكم أهل الحكمة وأصحاب النوايا الحسنة والصالحة. في النهاية فلنعود بالذاكرة إلى يوم الجمعة العظيمة، يوم زلزلت الأرض وأظلمت الشمس وخاف الجميع، لكن المسيح قام حقًّا قام."
بعد القداس نثر الحضور الورود البيضاء على إكليل من الغار وضع في باحة الكنيسة، إكرامًا لأرواح الشهداء الأبرار.