كان يوم الخميس على عشب استاد أحمد بن علي في الريان سوداوياً بالنسبة للكرة البلجيكية التي شهدت نهاية حقبة جيل ذهبي ورحيل أحد مهندسي نهضة "الشياطين الحمر" المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز، وذلك بعد الخروج من الدور الأول لمونديال قطر.
قبل أربعة أعوام، كان الجيل الذهبي لبلجيكا في أوج عطائه ووُضِعَ على رأس لائحة المرشحين للفوز باللقب العالمي الأول في تاريخ البلاد، لكن المشوار لم يصل إلى نهايته وتوقف عند دور الأربعة على يد فرنسا التي توجت لاحقاً باللقب.
دخل كيفن دي بروين ورفاقه إلى المونديال القطري وهم يدركون أنها الفرصة الأخيرة لمحاولة الارتقاء الى مستوى سمعتهم بين أفضل لاعبي القارة والعجوز.
لكن المغرب فعل فعلته وأسقط رجال المدرب مارتينيز في الجولة الثانية 2-صفر، ما جعلهم مطالبين بالفوز في الجولة الأخيرة الخميس على كرواتيا، إلا أن هذا الأمر لم يحصل فاكتفوا بالتعادل وانتهى المشوار.
مباشرة وبعد انتهاء المباراة التي أهدر روميلو لوكاكو في ثوانيها الأخيرة فرصتين ذهبيتين لخطف بطاقة التأهل، أعلن مارتينيز أنه سيغادر المنصب الذي استلمه عام 2016.
قال بتأثر كبير إن: "هذه المباراة كانت مباراتي الأخيرة مع المنتخب. حان الوقت كي أتنحى".
وأضاف المدرّب البالغ من العمر 49 عاماً: "الآن نهاية تعاقدي بالفعل، لم أقدم استقالتي. اتخذت هذا القرار قبل كأس العالم، منذ 2018 كانت هناك العديد من الفرص كي أتراجع ولكنني قررت أن أواصل. لكن الآن حان الوقت لأن أتنحى، لأن أقبل أن هذه المباراة هي الأخيرة. كان الأمر سيحدث مهما حصل، حتى لو توّجنا".
كان وداعاً مريراً لهذا المدرب، لكنه لن يكون الراحل الأخير عن المنتخب الذي سيخسر على الأرجح الكثير من عناصره الحالية وأبرزهم كيفن دي بروين الذي ألمح إلى نهاية حقبة الجيل الحالي، باقراره أن كأس العالم في قطر ستكون على الأرجح الأخيرة له.
في تشكيلة من النجوم تضم إلى دي بروين، الحارس المتألق تيبو كورتوا، القائد إيدن هازارد والدبابة البشرية لوكاكو، تُصنّف بلجيكا كواحدة من المرشحين البارزين في المونديال.
كان الفوز الودي على هولندا (4-2) عام 2012، بمثابة نقطة التحول لهذا الجيل، إذ ارتقى مذذاك إلى مستوى المنتخبات المنافسة.
ضعيفة الإنجاز
بعد التأهل إلى ربع نهائي كأس العالم 2014، خسرت بلجيكا أمام الأرجنتين، لكنها تقدمت خطوة إلى الأمام بعدها بأربع سنوات، بتأهلها إلى نصف النهائي وخسارتها أمام فرنسا (حاملة اللقب) في ما اعتبر، حتى الآن، كأفضل نتيجة في حقبة كان منتظراً أن يحقق "الشياطين الحمر" خلالها الكثير.
بالنسبة لمنتخب يُنظر إليه على أنه مرشح محتمل باللقب، لم يكن الخروج من ربع نهائي كأس أوروبا في نسختي 2016 و2020 مجزياً بما فيه الكفاية، مما أدى إلى تصنيف بلجيكا على أنها "ضعيفة الإنجاز".
وفي تقييم لاذع لفشل المنتخب بالفوز بأي لقب، شكّك المدرب السابق لبلجيكا جورج ليكنز في عقلية فريق مارتينيز.
قال ليكنز: "بدون لقب، صعدنا إلى المركز الأول في تصنيف "فيفا"، لكن هذا المركز لا يعني شيئاً".
يضيف: "عندما لا تجرؤ على القيام ببعض الأمور، لن تمتلك شيئاً. هذه العقلية، وإرادة الفوز غير موجودة في مجموعة مارتينيز".
ومع بلوغ الغالبية العظمى من نجوم بلجيكا مرحلة الثلاثينيات، يبدو مونديال قطر كان آخر محطات هذا الجيل.
وفيما تمثل المواهب الناشئة مثل لويس أوبندا (22 عاماً)، شارل دي كيتلار (21 عاماً) وأمادو أونانا (21 عاماً) الأمل لمستقبل مشرق لبلجيكا، يبدو أن نجوماً حاليين مثل دي بروين، هازارد (31 عاماً) ، كورتوا (30 عاماً)، توبي ألدرفايرلد (33 عاماً)، يان فيرتونغن (35 عاماً)، أكسل فيتسل (33 عاماً)، ودريس مرتنس (35 عاماً) سيعتزلون أو سيقدمون أفضل وآخر ما لديهم بحلول كأس العالم المقبلة عام 2026.
هذا الجيل يستحق "الاحترام والإعجاب"
أمل مارتينيز في عامه السادس كمدرب لبلجيكا، بأن يحفّز شعور دي بروين بعدم خوضه نهائيات كأس العالم مرة أخرى، بقية اللاعبين الذين بلغوا أيضاً الثلاثين من العمر، لكن هذا الأمر لم يحصل وباستثناء الفوز الباهت على كندا (1-صفر) لم يقدم المنتخب شيئاً يذكر في مشاركة للنسيان.
بالنسبة لمارتينيز، من المؤسف أن تنتهي الأمور بهذه الطريقة لأن هذا الجيل يستحق "الاحترام والإعجاب".
ورغم هذه الحسرة، رأى ثورغان هازارد أنه: "عندما ينتهي شيء ما، فتكون هناك بداية شيء آخر".