خروج العين من محجرها، عشرون كسراً، ست قطع معدنية و18 برغياً... علامات حوّلت المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمهن بقناعه الأسود إلى بطل خارق على غرار "الرجل الوطواط"، أعاد إلى مدينة نابولي وفريقها أمجادها بتتويج أوّل في الدوري الإيطالي لكرة القدم منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
"وكأن وجهه كان تحت آلة ضغط"، هكذا وصف الجراح الإيطالي جان باولو تارتارو إصابة أوسميهن بعد أن أشرف على جراحة في وجه النيجيري منذ قرابة 17 شهراً.
في 21 تشرين الثاني 2021، تعرّض المهاجم لإصابة قوية في خده الأيسر ومحجر عينه بعد صدام قوي في الرأس مع لاعب إنتر السلوفاكي ميلان شكرينيار، خلال مباراة الفريقين ضمن منافسات الدوري.
خضع بعد يومين لجراحة ناجحة أبعدته قرابة شهرين، خسر خلالها نابولي صدارته واللقب في نهاية المطاف.
روى جرّاحه: "لم تكن إصابة أوسيمهن كسراً بسيطاً في عظم الخد، بل أثرت أيضاً على عدة عظام في الوجه. خرجت العين من محجرها. ليس الأمر بسيطاً على الإطلاق بل دقيقاً للغاية. سُحق المحجر بسبب تقوّس عظمة الوجنة التي تكسّرت".
وجه مجزأ
تخوّف البعض من أن تشكل هذه الإصابة ضربة قاضية على المسيرة اليافعة للاعب الذي كان لا يزال حينها في سن الثانية والعشرين.
لكن عملية جراحية من ثلاث ساعات ونصف رمّمت الطرف الايسر من الوجه وأعادته إلى الملاعب.
عاود أوسيمهن التمارين الفردية بعد قرابة أسبوعين من الجراحة، وبعد أن استُدعي في بادئ الأمر ضمن تشكيلة نيجيريا للمشاركة في كأس أمم أفريقيا مطلع العام الماضي، استُبعد بعد ستة أيام لعدم تعافيه كفاية بالإضافة إلى إصابته بفيروس كورونا.
بعد أن سجل خمسة أهداف في 10 مباريات في الدوري قبل الحادثة، عاد بقناع أسود مصنوع من الكربون لحماية منطقة الكسور والسماح له بالاحتكاك الجسدي.
قال جرّاحه: "القناع الذي يعتقد الجميع أنه سهل، لسوء الحظ، يتم تفصيله على نقاط معينة، يلتئم حيث يوجد كسور. علينا أن ندرس قناعاً مناسباً لشكله، فهو ليس بالأمر التافه، بل على العكس، هناك عَصَب. كل شيء معقد للغاية".
بقناعه، أنهى أوسيمهن الموسم مع 14 هدفاً في الدوري وحل نابولي ثالثاً بفارق سبع نقاط عن ميلان الذي حقق اللقب.
القناع الرمز
بعد انتقادات واجهها في موسمه الأول في جنوب إيطاليا حيث كافح من أجل الارتقاء إلى مستوى التوقعات الكبيرة التي صاحبت انتقاله من ليل الفرنسي مقابل 80 مليون يورو في صيف 2019، ومعاناة الموسم الماضي، انفجر أوسيمهن في الحالي.
غاب قرابة الشهر في بداية الموسم بعد تعرضه لإصابة في قدمه خلال الفوز 4-1 على ليفربول الإنكليزي في الجولة الأولى من دور المجموعات.
عاد بقوة خارقة ويتصدر راهناً ترتيب الدوري الإيطالي بـ22 هدفاً، وشكل إلى جانب الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا ثنائياً رهيباً محلياً وقارياً وساهما في وصول نابولي إلى ربع نهائي المسابقة القارية الأم للمرة الأولى في تاريخه.
لا يزال يرتدي هذا القناع ويرتقي من دون خوف أو تردد لتسجيل الاهداف برأسه على غرار هدفين ضد تورينو (4-0).
أصبح هذا القناع يرمز إلى اللاعب وبات يرتديه العديد من الأولاد وحتى الكلاب أحياناً، تيمناً ببطلهم الخارق.
في مباراة تورينو بالذات، دخل أحد الأطفال الذين يرافقون اللاعبين إلى أرض الملعب وهو يرتدي قناعاً وشعره مطلي باللون الأشقر ليبدو مثل النيجيري.
علّق أوسيمهن: "رأيت شعره الأشقر أيضاً ووضع قناعاً مثلي. آمل أن ألتقيه وآخذ صورة معه. من الرائع رؤية المحبة من خلال هذه اللفتات، إنه أمر مميز".
شعور بالأمان
رغم أنه بات بإمكانه نزع القناع بعد أكثر من عام على ارتدائه، يقول طبيب النادي روبرتو روجيرو: "أوسيمهن شُفي تماماً، ما زال يرتدي القناع الواقي لأنه يمنحه شعوراً بالأمان".
حتى أن البعض من سكان نابولي، صغاراً وكباراً، اختار تجسيد مظهر النيجيري من خلال طلاء وجوههم باللون الأسود وارتداء الاقنعة كما حدث في كرنفال المدينة.
أثار ذلك انتقادات البعض وربطوا الطلاء الأسود بالعنصرية، فيما دافع العديد عن هذا التصرف على غرار مدرب إيطاليا روبرتو مانشيني الذي قال: "حيث يرى البعض عنصرية، لا أرى سوى جمالية".
جمالية أعادت إلى المدينة الجنوبية الفقيرة مجداً انتظرته منذ أيام الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي قاد فريقها إلى لقبيه السابقين في الدوري عامي 1987 و1990.