كأس وحيدة تنقصه ليصبح الأعظم، وربما أعظم من الأسطورة الراحل مواطنه دييغو أرماندو مارادونا. في قطر، يحلم ليونيل ميسي بتتويج عنقه بالغار مع منتخب الأرجنتين وقيادته للقبه الثالث بعد مونديالي 1978 على أرضه و1986 في المكسيك، الذي صبغه "الفتى الذهبي" بتحفته الكروية الشهيرة أمام إنكلترا.
بعد أيام قليلة من وفاة مارادونا في تشرين الثاني 2020، سجّل ميسي هدفاً مع برشلونة أمام أوساسونا في الدوري الإسباني ليخلع قميص الـ "بلاوغرانا" ويكشف عن آخر لفريق نيويلز أولد بويز تكريماً لمواطنه، حمل الرقم 10 مع اسم دييغو.
في هذا النادي في روزاريو، مسقط رأسه، تلقّن ميسي فنون كرة القدم. وفي طفولته، قبل انضمامه إلى برشلونة في سن 13 عاماً حيث بنى اسطورته الكروية، أُعجب "البرغوث" الصغير بمارادونا العائد من أوروبا لإنهاء مسيرته في الأرجنتين بألوان فريقي نيويلز ثم بوكا جونيورز.
مذاك، فاز ميسي بكل شيء: سبع كرات ذهبية لأفضل لاعب في العالم، أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، جملة من الألقاب في الدوري الاسباني والفرنسي مع برشلونة ثم باريس سان جرمان الفرنسي، كما أضاف إلى سجله لقب كوبا أميركا الصيف الماضي، في أوّل تتويج قاري لـ "راقصي التانغو" منذ عام 1993.
المونديال يعانده
سجل ميسي مئات الأهداف وسحر عالم كرة القدم بمراوغاته وتمريراته وابتكاراته وسرعته. هو قائد المنتخب الأرجنتيني وأفضل هداف في تاريخه (90 هدفاً) والأكثر ارتداءً للقميص (164 مباراة دولية). غير أن ساحر الكرة صاحب الرقم 10 لم يفز بكأس العالم، حيث لامس المجد بأطراف أصابعه بعد خسارته نهائي مونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا صفر-1 بعد التمديد.
قال الأرجنتيني ليوناردو باليردي مدافع مرسيليا الفرنسي: "رؤية المنتخب الوطني يفوز مع ميسي هو ما نأمله جميعاً كأرجنتينيين. سيكون الأمر رائعاً. في الأرجنتين، نعيش من أجل كرة القدم. رؤية ميسي يرفع الكأس سيكون أجمل شيء في العالم".
رأى مدرب الأرجنتين السابق خورخي سامباولي أن "كرة القدم تُدين لميسي بكأس العالم"، وذلك قبل أشهر قليلة من الفشل الذي رافقه في مونديال روسيا 2018، حيث تعثر في ثمن النهائي أمام فرنسا باشراف المدرب ديدييه ديشان وبقيادة النجم كيليان مبابي.
بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الفوز بكأس العالم ليس سوى مجرد تفصيل صغير، فميسي هو الأفضل إن فاز بكأس العالم أم لا. وبالنسبة للآخرين، سيكرّس كأعظم لاعب في تاريخ الكرة المستديرة في حال توّج بلقب المونديال، وبالنسبة للبعض، وخاصة الأرجنتينيين أو جماهير نادي نابولي الإيطالي، فإن مارادونا في مجرة أخرى لا يمكن الوصول إليها.
"هما الأفضل"
يرى دانيال بيرتوني، بطل العالم مع الأرجنتين عام 1978 وزميل مارادونا في نابولي بين عامي 1984 و1986، في حديث لوكالة "فرانس برس": "دييغو كان المعبود المطلق لأكثر من جيل وميسي هو الأفضل لجيل الشباب. أعتقد أنه لا يمكن أن يتفوق عليه إلاّ إذا توج بطلاً للعالم وفرض نفسه نجماً للمونديال وأفضل هداف، وسجل هدفاً على غرار هدف دييغو".
وتعيدنا كلمات بيرتوني "هدف مثل دييغو" إلى ذكريات الهدف الاسطوري الذي سجله مارادونا في مرمى إنكلترا في ربع نهائي مونديال المكسيك 1986 بعدما انطلق مع الكرة من نصف الملعب وراوغ عدة لاعبين والحارس، بعد دقائق قليلة من افتتاحه التسجيل بطريقة جدلية بعدما استعان بيده ليطلق عليها لاحقاً "يد الله".
هذا البُعد شبه الصوفي لمارادونا، هو ما لن يتمكن ميسي على الأرجح من بلوغه، علماً أن نجم سان لا يعتبره مبتغاه. فهذا المهاجم يملك شخصية رصينة، بكلمات نادرة ومن دون اثارة الكثير من الضجة حوله. صورته السلسة إلى حد ما والأقل "لمعاناً" من صورة منافسه البرتغالي كريستيانو رونالدو، تلطخت فقط بعد إدانته بالتهرب الضريبي في عام 2017، قبل أسابيع قليلة من زواجه من أنتونيلا، صديقة الطفولة، والدة أولاده الثلاثة (تياغو وماتيو وسيرو).
بعد كل ذلك، يُطرح السؤال الابدي: مارادونا أم ميسي؟ هل ستكون كأس العالم في قطر عاملاً حاسماً لانهاء هذا الجدل؟ رداً على سؤال لوكالة "فرانس برس" أجاب خورخي بوروتشاغا لاعب نانت السابق وصاحب هدف الفوز للأرجنتين بتمريرة من مارادونا أمام ألمانيا الغربية 3-2 في نهائي مونديال 1986: "لست مهتماً. فكلاهما أرجنتيني وهما الأفضل في السنوات الأربعين الماضية".