إذا كان لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تحتضنها قطر نكهة، فهي بالتأكيد جمهور المنتخب الأرجنتيني.
يخلقون الحماس في الملعب، ينثرون الأفراح في سوق واقف، يرقصون في مهارجان الجماهير في حديقة البدع، كل ساحة ومكان ومحل شاهد على حضورهم ولسان حالهم يقول "سنعود بالكأس لأجل دييغو (مارادونا)".
يقول ليوناردو ماريسي لـ"النهار" إنه اجتاز عواصم عدة للوصول الى الدوحة، انطلقت رحلته في تشرين الثاني الماضي من مدينة روساريو حيث ولد الأسطورة الحية والنجم المطلق للجيل الحالي ليونيل ميسي، وسافر أولاً الى بيونس آيريس ومنها الى العاصمة الفرنسية باريس ثم المصرية القاهرة مروراً باللبنانية بيروت وصولا الى الدوحة، حيث لم يجد مكاناً يبيت فيه فانتقل الى مدينة دبي الإماراتية.
(أ ف ب)
لم يأبه ماريسي للتكاليف بل الأهم هو دعم اللاعبين لإعادة كأس العالم الى حضن الأسطورة الراحل دييغو آرماندو مارادونا.
شغف شعب "بلاد الفضة" بمنتخبهم عبر كل الحدود، ترتفع حظوظهم مباراة بعد أخرى ويؤمنوا بالفوز باللقب وإضافة "النجمة الثالثة" إلى سجل إنجازاتهم الكبرى، بعد أن سبق حصول «التانجو» على لقبين في المونديال عامي 1978 بالأرجنتين و1986 في المكسيك.
وبعد نهاية المباراة التي فاز فيها "ألبي سيليستي" على استراليا في الدور ثمن النهائي 2-1، حرصت الجماهير على البقاء في المدرجات لفترة طويلة، لتشجيع اللاعبين الذين تجاوبوا معها، واحتفلوا سوياً بالعبور إلى الدور ربع النهائي حيث يتجدد الموعد مع نظيره الهولندي الجمعة المقبل.
وحرص ميسي على أن يتحدث إلى التلفزيون الأرجنتيني بعد المباراة، وقال: "كانت مباراة بدنية بالدرجة الأولى، وأنا سعيد بالفوز الذي يضعنا على الطريق الصحيح"، مبدياً سعادته الغامرة بالتفاف الجماهير حول منتخبها الوطني. وأضاف: "علينا أن نبقى متحدين حتى نحقق حلم شعبنا بحصد بالنجمة الثالثة في أكبر بطولة عالمية على الإطلاق".
وكان منتخب الأرجنتين فاز على أستراليا 2-1 في دور الـ16 للبطولة، ولكن بعد معاناة في الشوط الأول، وتحسن نسبي وتدريجي في الثاني، وأجاد ميسي قيادة الفريق إلى الفوز المهم، عندما افتتح التسجيل في الدقيقة 35 من تسديدة قوية أرضية زاحفة، وأضاف خوليان ألفاريس الثاني في الدقيقة 57، بعد خطأ فادح من الحارس الأسترالي، بينما سجل كريغ غودوين هدف أستراليا في الدقيقة 77.
وحصل ميسي على لقب «رجل المباراة» في المباراة رقم 1000 خلال مسيرته الطويلة مع برشلونة وسان جيرمان والمنتخب الأرجنتيني. وسجل ميسي أول هدف له في الأدوار الإقصائية بكأس العالم، وثالث هدف له في البطولة الحالية.
وعلى استاد خليفة، فشلت الولايات المتحدة في تعكير صفو مشوار هولندا الحالمة الدائمة بالتتويج بعد إخفاقها ثلاث مرات في المباراة النهائية.
قادها الجناح الأيمن دنزل دامفريس بلعبه تمريرتين حاسمتين لممفيس ديباي (10) ودالي بليند (45+1)، قبل أن يوقع بنفسه على الثالث بكرة طائرة (81)، بعد تقليص الفارق عبر حجي رايت قبل خمس دقائق.
رغم الفوز بثلاثية، لم يكن المدرب المخضرم لويس فان خال راضياً "لم نعمل جيداً على الاستحواذ، خصوصاً في الشوط الأول، لكننا سجلنا هدفين جميلين. كان بمقدورنا تقديم الافضل وعلينا القيام بذلك. لن تكون راضياً لأنك فزت 3-1. سنلعب ضد خصوم أكثر قوة، لكن علينا الاستحواذ أكثر".
مبابي وجيرو قياسيين!
أكد مهاجم فرنسا حاملة اللقب كيليان مبابي بأنه احد افضل الهدافين في العالم، فسجل ثنائية ومرّر كرة حاسمة لأوليفيه جيرو، ليخرج فريقه بفوز مستحق على بولندا 3-1 على استاد الثمامة، ويبلغ الدور ربع النهائي.
افتتح جيرو التسجيل بتمريرة من مبابي (44) ليصبح افضل هداف في تاريخ منتخب بلاده مع 52 هدفا، قبل ان يضيف مبابي ثنائية جميلة (74 و90+1)، وردّ هداف بولندا روبرت ليفاندوفسكي بهدف شرفي من ركلة جزاء في محاولته الثانية (90+9 من ركلة جزاء). وهي المرة الثالثة تواليا التي يبلغ فيها المنتخب الفرنسي الدور ربع النهائي.
كان مبابي "وحشا" بكل ما للكلمة بفضل انطلاقاته السريعة ومراوغاته الذكية واهدافه الرائعة، فأقلق راحة المدافعين البولنديين طوال الدقائق التسعين فوجدوا صعوبة في ايقافه.
وقد لخص مدرب منتخب فرنسا ديدييه ديشان ذلك بقوله "مبابي يحل مشاكل كثيرة. لديه قدرة كبيرة على ذلك وهذا الامر جيد بالنسبة لنا". واضاف "هذا الفريق اظهر تضامنا كبيرا منذ البداية وبطبيعة الحال، فان نتيجة كهذه يؤكد ذلك".
اما جيرو الذي لم يكن واثقا من التواجد في التشكيلة الرسمية لمنتخب بلاده حتى اللحظة الاخيرة، ونجح في الحلول مكان المهاجم الاصلي كريم بنزيمة الغائب بداعي الاصابة، فحقق رقما قياسيا في عدد الاهداف لمنتخب بلاده مسجلا هدفه الثاني والخمسين بفارق هدف عن تييري هنري بطل العالم عام 1998.
خاض قائد فرنسا وحارسها هوغو لوريس مباراته الرقم 142 على الصعيد الدولي، معادلا الرقم القياسي الوطني باسم المدافع السابق ليليان تورام. كما انه عادل رقم تييري هنري ونظيره فابيان بارتيز، كأكثر اللاعبين تمثيلا لفرنسا في نهائيات كأس العالم مع 17 مباراة. وانفرد جيرو بالتالي بالرقم القياسي لعدد الاهداف في تاريخ المنتخب الفرنسي رافعا رصيده الى 52 هدفا في مباراته الرقم 117.
نزال الأسود انكليزي
حسمت إنكلترا معركة الأسود في ثمن نهائي المونديال، بعدما التهم "الاسود الثلاثة" نظراءهم "التيرانغا" السنغالية 3-0 على استاد البيت في الخور، لتضرب موعدًا مع الديوك الفرنسية أبطال العالم في ربع النهائي.
افتتح جوردان هندرسون التسجيل لإنكلترا (38) قبل أن يوقّع القائد هاري كاين، أفضل هدّاف في روسيا 2018، أخيرًا على هدفه الاول في قطر (45+3)، ويضيف بوكايو ساكا الثالث (57) لتضرب موعدًا ناريًا في دور الثمانية على الملعب ذاته السبت المقبل مع فرنسا الفائزة على بولندا 3-1.
وحرمت إنكلترا بطل إفريقيا من بلوغ الدور ربع النهائي للمرة الثانية في تاريخه بعد 2002، عندما حقق الإنجاز بقيادة مدربه الحالي أليو سيسيه.
ولا تزال إنكلترا تلهث خلف لقب عالمي ثانٍ منذ أن حققت الاول على أرضها في 1966، بينما انتهى مشوارها عند دور الأربعة مرتين في 1990 و2018.
وكانت هذه المواجهة الاولى على الإطلاق في النهائيات العالمية بين البلدين وأكدت إنكلترا مجددًا تفوقها على المنتخبات الافريقية رافعة رصيدها الى خمسة انتصارات وثلاثة تعادلات في 8 مباريات.
قال كاين بعد المباراة "مباريات الادوار الاقصائية ليست سهلة أبدًا ولكن أظهرنا عن نضج خلال البطولة. الذهنية كانت رائعة منذ البداية واستفدنا من الفرص خلال المباراة".
وتابع "أظهرنا صلابة في الدفاع، حافظنا على نظافة شباكنا للمرة الثالثة وهذا يوم رائع لنا".