بعد دور أول "هادئ" بدأه على وقع الانتقادات بسبب سلسلة من ست مباريات متتالية من دون فوز، واختبار "سهل" في ثمن النهائي ضد سنغال محرومة من نجمها المطلق ساديو ماني، يبدأ مونديال قطر الآن بالنسبة لمنتخب إنكلترا ومدربه غاريث ساوثغيت.
دخل "الأسود الثلاثة" إلى النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم على خلفية أسوأ سلسلة منذ 1993، لكنه استفاد إلى حد كبير من الوضع المعنوي المهزوز للمنتخب الإيراني المأزوم نتيجة الاحتجاجات الحاصلة في البلاد، كي يحصل على الدفعة المعنوية اللازمة من أجل إطلاق بطولته بالفوز 6-2.
وبعد تعثر أمام الأميركيين في مواجهة أعادته مجدداً إلى دائرة الانتقادات، عاد المنتخب الإنكليزي ليتحرر من الضغط أمام جاره الويلزي (3-صفر) قبل أن يكرر النتيجة ذاتها أمام السنغال على ملعب البيت في الخور في لقاء عانى في بدايته قبل أن يحسم الأمور بشكل كبير في نهاية الشوط الأول بتقدمه بهدفين، أحدهما لقائده هاري كاين الذي افتتح رصيده بعد صيام لثلاث مباريات.
لكن الآن، جاء وقت الجد بالنسبة للمنتخب الحالم بمعانقة اللقب الذي توج به مرة واحدة عام 1966 على أرضه، إذ يصطدم بكيليان مبابي وزملائه في المنتخب الفرنسي حامل اللقب.
"إنه تحد رائع"
وعلق ساوثغيت على هذه المواجهة بالقول: "إنه أكبر تحد يمكن أن نواجهه. إنهم أبطال العالم. يملكون عمقاً هائلاً من المواهب ولاعبين مذهلين على الصعيد الفردي"، مضيفاً: "إنه تحد رائع، إنها مباراة رائعة بالنسبة لنا من أجل أن نختبر أنفسنا ضد الأفضل".
وخلافاً للمشاركتين الكبريين الماضيتين في مونديال 2018 وكأس أوروبا 2020، سيكون رجال ساوثغيت مطالبين بتجاوز منافس عملاق من أجل محاولة تكرار أو التفوق على ما حققوه قبل أربعة أعوام في روسيا حين وصلوا إلى النهائي والصيف الماضي حين بلغوا نهائي البطولة القارية للمرة الأولى في تاريخهم قبل الخسارة بركلات الترجيح أمام إيطاليا.
في مونديال روسيا 2018، كان مسار إنكلترا معبداً إذ تواجهت في ثمن النهائي مع كولومبيا، ثم السويد قبل السقوط عند عقبة لوكا مودريتش ورفاقه في المنتخب الكرواتي، في حين أن القسم الثاني من القرعة تَكوَّن من برتغال كريستيانو رونالدو، أرجنتين ليونيل ميسي، برازيل نيمار وفرنسا مبابي التي توجت باللقب.
وكانت القصة مشابهة في كأس أوروبا التي أقيمت صيف 2021 عوضاً عن 2020 بسبب تداعيات فيروس كورونا، إذ ضم مسار الإنكليز في الطريق إلى النهائي كلاً من السويد، أوكرانيا، ألمانيا، هولندا، تشيكيا والدنمارك، فيما تقارع في القسم الثاني منتخبات بلجيكا، البرتغال، فرنسا، إسبانيا وإيطاليا.
وبعد الفوز على منتخب ألماني بعيد كل البعد عن المنتخب الذي توج بمونديال 2014 وما زال يعاني من تبعات خروجه من الدور الأول لمونديال 2018 في صدمة تكررت مجدداً في هذه النهائيات، تواجه رجال ساوثغيت مع أوكرانيا ثم الدنمارك قبل أن يسقطوا في معقلهم "ويمبلي" بركلات الترجيح أمام إيطاليا.
عقدة السقوط أمام الكبار
وبعدما اعتمد على خط دفاعي من أربعة لاعبين منذ بدء النهائيات، قد يضطر ساوثغيت إلى اللعب بخمسة مدافعين في مواجهة السبت على ملعب البيت من أجل محاولة إيقاف توغلات مبابي الذي وصل إلى خمسة أهداف في هذه النهائيات، بينها ثنائية الأحد في الفوز على بولندا 3-1.
وعلق ساوثغيت على مواجهة مبابي، معتبراً أن نجم باريس سان جيرمان: "لاعب من الطراز العالمي وسبق أن أثبت قدراته في اللحظات الهامة خلال هذه البطولة والبطولات التي سبقتها".
لكن ساوثغيت ليس متخوفاً من مبابي وحسب، بل: "هناك أيضاً (أنطوان) غريزمان الذي أراه لاعباً استثنائياً. هناك أوليفيه جيرو الذي نعرفه جيداً (لعب مع أرسنال وتشيلسي)، ولديهم لاعبي وسط شبان رائعين".
وسيحاول ساوثغيت ورجاله التخلص من عقدة السقوط أمام الكبار في الأدوار الإقصائية للمونديال وكأس أوروبا، إذ تكرر السقوط أمامهم في مناسبات كثيرة منذ الفوز بلقب كأس العالم على أرضهم عام 1966.
وقد انتهى مشوار "الأسود الثلاثة" على أيدي ألمانيا الغربية عامي 1970 (ربع نهائي) و1990 (نصف نهائي)، الأرجنتين عام 1986 (ربع نهائي) و1998 (ثمن نهائي)، البرازيل عام 2002 (ربع نهائي)، البرتغال في كأس أوروبا 2004 (ربع نهائي) ومونديال 2006 (ربع نهائي)، ألمانيا عام 2010 (ثمن نهائي) وإيطاليا في كأس أوروبا 2012 (ربع نهائي).
وكي يتجنب ساوثغيت أن تنضم فرنسا إلى هذه اللائحة، يتوجب عليه إيجاد طريقة لإيقاف مبابي بشكل خاص.