النهار

هانزي فليك رجل الحوار لإعادة المجد لألمانيا
المصدر: "أ ف ب"
هانزي فليك رجل الحوار لإعادة المجد لألمانيا
فليك
A+   A-
عاش طويلاً في ظلّ مدرب منتخب ألمانيا لكرة القدم يواكيم لوف، ثم فرض نفسه عرّاباً لفريق بايرن ميونيخ بطل السداسية التاريخية، وها هو اليوم يستعد للاختبار الشخصي الأول على رأس الجهاز الفني للـ"ناسيونال مانشافت". إنه هانس-ديتر (هانزي) فليك، رجل الحوار، الذي تعتمد عليه كل ألمانيا لاقتفاء طريق المجد في كأس العالم 2022 في قطر.

وكما تقمّص روبرت ريدفورد دور توم بوكر في العام 1998، يهمس فليك في أذن لاعبيه، فارضاً حواراً دائماً. أسلوب حرص على تطبيقه في كل لحظة من مسيرته كمدرب بعد مشوار قصير كلاعب، قضى أبرز محطاته في صفوف بايرن ميونيخ، الذي بلغ معه نهائي دوري أبطال أوروبا 1987، عندما خسر أمام بورتو البرتغالي (2-1).

"أولى أهمية كبيرة للتواصل (مع اللاعبين) داخل الملعب وخارجه"، يؤكد قائد المنتخب الألماني، مانويل نوير، في سيرة ذاتية للمدرب حملت اسم "إيم مومنت" (في الوقت الحالي)، ونُشرت في أيلول الماضي.

عرف نوير مدربه منذ أكثر من عقد. فليك القادم من هايدلبرغ، والبالغ من العمر 57 عاماً، كان المساعد المخلص للمدرب لوف منذ خريف 2006، وحتى التتويج باللقب الأغلى، كأس العالم 2014 في البرازيل.

مع المنتخب حصل اللقاء الأول بين فليك ونوير، وذلك في خريف 2009، وهناك أيضاً أصبح "هانزي" على تماس دائم مع أعمدة بايرن ميونيخ.

وبعد خمس سنوات، وتحديداً في بداية الموسم 2019/2020، عاد ليلتقي كل هؤلاء اللاعبين في النادي البافاري، أيضاً كمساعد ثانٍ لكن هذه المرة للمدرب الكرواتي نيكو كوفاتش، وهي الخطوة التي ستغير مسيرته تماماً.

في خريف العام 2019 وبينما كان بايرن يعاني في الدوري ويتعرض لأكبر انتكاسة له منذ عشر سنوات بالخسارة أمام أينتراخت فرانكفورت (1-5)، استُدعي فليك لإنقاذ "السفينة" من الغرق بعدما جرت تسميته للحلول مكان كوفاتش.

ومرة أخرى، سلك "هانزي" طريق الحوار في بايرن ميونيخ أيضاً، وأشرك اللاعبين كافة في مشروعه، بعيداً عن إظهار الرغبة بفرض طريقته في رؤية الأمور.

سداسية في 2020 ورحيل في2021
"تحدّث هانزي على الفور مع النجوم كافة ووضع الفريق في صفه. استمع إلى الناس، وقضى الوقت اللازم معهم. طرح أسئلة"، يوضح اللاعب الألماني والقيادي السابق في بايرن ميونيخ كارل-هاينتس رومينيغه في السيرة الذاتية ذاتها.

بدأت ثمار تلك السياسة بالنضوج: بعد بداية متذبذبة (هزيمتان في أول ست مباريات)، حقق فليك سلسلة من النجاحات وأقنع قادته بالاحتفاظ به، بعدما كان من المفترض أن يعمل كمدرب موقت فقط. جرى الاحتفاظ به للمرة الأولى حتى عيد الميلاد 2019، ثم حتى نهاية الموسم، قبل التوقيع معه في نيسان حتى حزيران 2023.

بعد الحظر الذي فرضته جائحة "كوفيد-19" في ربيع 2020، جاءت أشهر شهدت مجد المدرب الذي كشف يوماً بأنه استوحى الكثير من فكره التدريبي من الإيطالي أريغو ساكي والفرنسي أرسين فينغر: بطل ألمانيا في نهاية حزيران، بطل كأس ألمانيا مطلع تموز، بطل دوري أبطال أوروبا في نهاية آب، فنسخ الثلاثية التاريخية التي حققها العملاق البافاري العام 2013 تحت قيادة المدرب يوب هاينكيس.

لم يكتفِ بذلك بل أضاف كل الكؤوس الثلاثة الأخرى المتاحة، أي السوبر الألماني، السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، ليحقق سداسية تاريخية غير مسبوقة في تاريخ النادي.

صحيح أنه منفتح على الحوار، هادئ ومتزن، غير أنه يعرف أيضاً كيفية إظهار عناده، وهو ما حدث في ربيع 2021 عندما أعلن عن نيته في فسخ عقده على إثر خلاف لأشهر عدة مع المدير الرياضي، البوسني حسن صالح حميدجيتش، رغم عدم اعترافه علناً بأنه سبب رحيله.

بعد بضعة أسابيع، عُيِّن خلفاً للوف على رأس الجهاز الفني للمنتخب. وهناك أيضاً، يطبّق فليك طريقة الحوار نفسها مع اللاعبين الذين يعرفهم عن ظهر قلب، وإن اعترف بأنّ لديه "وقتاً أقل (مقارنة بوقته مع بايرن ميونيخ) لتعريفهم بفلسفته الخاصة في اللعبة".

سيحتاج بالتأكيد إلى كل قدراته لإخراج ألمانيا من النفق المظلم، الذي دخلته ذات مساء في حزيران 2016 في مرسيليا، في نصف نهائي كأس أوروبا، الذي خسرته أمام فرنسا المضيفة بهدفين نظيفين. منذ ذلك الحين، أقصي الألمان من دور المجموعات لكأس العالم 2018 وفي ثمن نهائي أوروبا 2020.

اقرأ في النهار Premium