النهار

كيف تحوّلت المرأة إلى رياضة الأوزان... وهل ممارستها تؤذيها؟
فرح نصور
المصدر: النهار
كيف تحوّلت المرأة إلى رياضة الأوزان... وهل ممارستها تؤذيها؟
تعبيرية.
A+   A-

تتغيّر معايير الجمال مع الوقت والأزمان. فبعدما كانت المرأة السمينة هي الجميلة في العصور السابقة، أصبحت المرأة ذات التضاريس البارزة في عضلاتها هي الأجمل و"الموضة"، في أيامنا. وبدأت صفحات المؤثّرين والمدرّبين، المحليين أو العالميين، تغزو منصّات التواصل الاجتماعي، لتحفيز النساء على الرياضة. مفهوم الرياضة بدأ يتغيّر في السنين الماضية، بحيث تحوّل من "الآيروبكس" والتمارين السويدية إلى تمارين الأوزان التي لم تعهدها النساء بكثرة سابقاً، ما خلا الرياضيات اللواتي يخضن مسابقات كمال الأجسام وحمل الأوزان. 

 

كيف تحوّلت الشابات من الرياضة الكلاسيكية إلى رياضة الأوزان؟ وطبّياً، هل تؤذي هذه الرياضات النساء؟

 

مايا، شابة في الـ 28 عاماً، تتمرّن بالأوزان منذ نحو 3 سنوات. اعتادت القيام بالصفوف في النادي من رقص وصف شدّ المعدة وغيرها، واستخدام بعض الآلات الخفيفة، "كنت أبتعد عن قاعة الحديد في صالة الرياضة، لكن أخيراً بتّ ألتمس أنّ الرياضات التي كنت أمارسها لم تشكّل لي تضاريس بارزة في جسمي، وصرت أرى رياضة الأوزان للنساء على الـ"إنستغرام" من قِبل مدرّبات وحتى مدرّبين يخصّصون تمارين للنساء لتكبير المؤخّرة وشدّ الأرداف ونحتها"، تروي مايا. هنا، تغيّرت نظرة الرياضة لدى مايا، وغدت تجد الفرق في جسمها، لكنّها تستطرد أنّها لا تحمل الأوزان الثقيلة جدّاً وتسير بالتدريج في هذا المسار.

 

"فعلاً تغيّر مفهوم الرياضة ككلّ لدى النساء، وأصبح الأمر أشبه بنزعة trend، فأنا في السابق لم أكن أحمل أوزاناً"، برأي هيفاء دبسية، مدرّبة الرياضة التي اشتهرت بتقديم برنامج "ما إلك إلا هيفا".

 

وفي حديثها لـ"النهار"، تؤكّد أنّ "الهدف من حمل الأوزان، تغيير شكل الجسم ونحته، فالتمرين بالأوزان يظهر العضل أكثر والجسم بشكل أجمل، وهو بحاجة إلى أن يكبر قليلاً للحصول على شكل أفضل". وأصبحت المرأة ترغب بشكل مغاير عن الذي اعتادته، وتوجّهت إلى تنمية عضلاتها وتعزيز ليونة جسدها. ومعظم النساء حالياً، يمارسن النوعين من الرياضات، خصوصاً عندما يتجاوزن الـ40 عاماً، ويستخدمن الأوزان للحصول على جسم جميل. 

 

وعمّا إن كانت رياضة صفوف "البيلاتيس" و"الزومبا" وغيرها كافية لشدّ الجسم وتشكيله، برأي هيفاء إنّها لا تكفي خصوصاً بعد عمر الـ40، فالأوزان تجمّل الجسم والسيدة بحاجة إلى شدّ بشرتها وعضلها في هذا العمر. وحالياً، الكثيرات من السيدات بعد هذا العمر، وبعد إنجاب الأطفال، يتّجهن إلى رياضة الأوزان، أكثر من الشابات في العشرينات. وعندما نتحدّث عن حمل الأوزان، ليس بالضرورة الأوزان الثقيلة، إذ يمكن استخدام المتوسطة والخفيفة. 

 

وحتى مَن تلجأ إلى العمليات، ينصحها الطبيب بممارسة الرياضة بعد الجراحة لكي تنجح العملية، فمع العمر، يترهّل العضل، ولا يمكن الاكتفاء بالجراحة التجميلية. إضافة إلى ذلك، فإنّ دمج رياضة الأوزان ورياضة الـcardio والصفوف الأخرى، "هو أفضل ما يمكن القيام به، لأن الاكتفاء بنوع محدَّد من الرياضة ليس أمراً مثالياً، فالرياضة أصبحت متنوّعة وكلّ منها يفيد عضواً وجزءاً من الجسم"، برأي هيفاء. 

 

ومع وجود الإنترنت، تعمّقت النساء في الرياضة أكثر، واطّلعن أكثر ولم يعد حمل الأوزان ودخول مساحة الحديد في النادي حكراً على الرجل، وفق هيفاء، وانكسرت هذه الفكرة، لا بل إنّ مفهوم النادي الرياضي ككلّ تغيّر وبات النادي مساحة للتفاعل الاجتماعي. والتوجّه في الرياضة لم يعد فقط إلى حمل الأوزان، بل إلى جميع أنواع الرياضات الأخرى، إذ أسهمت مواقع التواصل كثيراً بتسليط الضوء على كافة أنواع الرياضات المتاحة. فمع غياب التوعية سابقاً، كان لا بدّ من أن تلتزم النساء بنوع واحد من الرياضة لعدم معرفتهنّ بسواه. 

 

هل لِرياضة الأوزان آثار سلبية على المرأة؟ 

"معظم النساء والشابات في لبنان غير مهيّآت جسدياً لهذا النوع من التمارين"، هذا ما يؤكّده، جرّاح العظام والمفاصل، الدكتور مارك أبي حاتم لـ"النهار". فهذا التغيير في التوجّه آتٍ في عمر غير صغير في الـ30 مثلاً، بحيث تنوي المرأة أن تقوم بتغيير جذري في شكلها عبر الرياضة، سواء لتجميل جسمها بعد الولادة، أو لخوفها من عمليات التجميل أو لمجرّد الوصول إلى جسم جميل كالمشاهير والمؤثرات.

 

لكن، "على الجسم أن يكون رياضياً منذ عمر صغير"، وفق أبي حاتم، فالرياضة هي فعل تراكمي، وعلى الجسم أن يعتاد هذه الممارسات والأمر لا يتمّ بين ليلة وضحاها مع الطمع بالنتيجة السريعة.

 

ومع التحفيز الكبير للمدرّبين الخاصّين بالقيام ببعض التمارين التي تنحت المؤخرة والأرداف لدى المرأة، يتمّ التركيز على تمارين الـsquat أو القرفصاء مثلاً. لكنّ هذا التمرين إن طُبّق بطريقة خاطئة، وفق أبي حاتم، يؤذي الظهر. وتطبيقه بطريقة صحيحة يتطلّب أن يكون الشخص ملمّاً ومتقدّماً في خبرته المعرفية الرياضية، وحتى تطبيقه دون أوزان يهدّد أيضاً صحّة العمود الفقري. فعموماً، جسم الإنسان ليس مهيّأً للقيام بالقرفصاء، ففي تطوّره، شكّل الظهر نقطة ضعفه الأساسية. من هنا، فإنّ أكثر فقرات الظهر المعرّضة للإصابة هي الإصابات السفلى، L4-L5 و L5-S1.

 

ويلفت الدكتور أبي حاتم إلى أنّ معظم المدرّبين الرياضيّين في النوادي الرياضية لا شهادة لديهم، ويشجّعون الأشخاص بمقولة no pain no gain، و"هذا غير صحيح البتة ومؤذٍ، وتكمن الخطورة أيضاً عندما ينصحون المرأة بحمل أوزان أكثر من قدرتها". 

 

المرأة لدى وضع مولودها، تتّخذ وضعية يكون فيها الظهر ملتوياً عكسيّاً، وتضغط لإخراج الطفل، في حالة تكون معرّضة للإصابة بالـ"ديسك". من هنا، يوجب أبي حاتم المرأة فحص مفاصلها وعظامها ووضعها وأهليّتها، قبل القيام بأيّ نشاط بالأوزان، وإن شعرت بآلام في الظهر، فعليها إجراء صورة أشعة. فهناك كذلك بعض الحالات الطبّية الخلقيّة التي تكون واسعة الانتشار. ويلفت الجرّاح إلى أنّ "شكل جسم جميل لا يعني أنّه سليم، لذا فمن الضروري أن يسير التمرين بالتوازي مع تمرين القلب وصحته". 

 

وعن عدد إصابات النساء من جراء رياضة الأوزان، يؤكّد أبي حاتم أنّها كثيرة إذ "يأتيني الكثير من هذه الإصابات"، ومعظمها في غضاريف الركب من جراء الضغط الكبير نزولاً في تمرين القرفصاء، وفي أسفل الظهر والأكتاف والرقبة. 

 

وعن التمارين التي تشكّل جسماً جميلاً من دون أن التعرّض لإصابة، يدلّ أبي حاتم على آلات الرياضة التي تتضمّن حبلاً (cable wired machines)، فهي تشغّل عضلة محدَّدة بشكل آمن ويكون هامش الإصابة معدوماً. كذلك، الرياضات مثل "الزومبا" و"البيلاتيس" وصفوف نحت الجسم مفيدة جداً لشدّ الجسم وتحريك القلب من دون تحميله أوزاناً، فإضافة الوزن بالتمرين للمرأة ليست ضروريا. وينبّه من المؤثرات والمدرّبات على مواقع التواصل، اللواتي يقمن بعمليات تجميل لأجسامهنّ، لكي يشجّعن النساء على الرياضة.

 

 

اقرأ في النهار Premium