في مباني الدوحة، كما على المستطيل الأخضر، لا نرى سواه: كيليان مبابي يضيء كأس العالم 2022 بأهدافه مع منتخب فرنسا وإحصائياته الرائعة تدفعه إلى الواجهة.
قبل مواجهة إنكلترا، السبت، في ربع النهائي والمقررة في استاد البيت في الخور، وصل نجم المنتخب الفرنسي إلى سقف التوقعات، التي وُضعت له في كأس العالم التي وصفها المهاجم الشاب بعد مباراة منتخبه امام بولندا بالـ "هوس" و"بطولة الاحلام".
برصيد خمسة أهداف في أربع مباريات (منها ثلاث مباريات كأساسي) في قطر، يقود مهاجم باريس سان جيرمان حملة دفاع الفرنسيين عن لقبهم العالمي، الذي أحرزوه قبل 4 أعوام، ويشكّل هذه المرة التهديد الأكبر للخصوم، لدرجة أن إنكلترا بأكملها قلقة بشأن خطورته.
بدا "الهلع منه" واضحًا عشية المباراة على الصحف الإنجليزية حيث عنونت صحيفة "ذي صن" البريطانية "كيليان مبابي يعيش في ليستر"، بعدما سلّطت الضوء على شاب آخر يدعى كيليان أيضا، يبلغ من العمر 16 عاما ويشجّع منتخب "الاسود الثلاثة".
في الدوحة، تتمحور نصف الأسئلة في المؤتمر الصحافي عن مبابي، سواء أكانت موجهة بالفرنسية أو الإنكليزية، مثل التي وُجهت إلى اوليفييه جيرو أو مساعد المدرب غي ستيفان.
وأوضح ستيفان "لقد عبّر عن ذلك بنفسه: لقد جعل كأس العالم ذروة موسمه. من المؤكد أننا مع كيليان لدينا لاعب استثنائي".
المقارنة ببيليه
وعندما يفضّل "كيكي" التدرب بمفره في مكان مغلق بدلًا من المشاركة في التمارين برفقة زملائه الثلثاء، تنتشر المعلومات كالنار في الهشيم في الصحافة الإنكليزية التي تثير على الفور فرضية الإصابة، والتي سرعان ما نفتها إدارة المنتخب الفرنسي.
وقال زميله يوسف فوفانا مازحا للصحافيين الخميس: "كيليان شخص لا يتابع الصحافة، آسف لكم جميعا".
تابع: "إنه يركز على المباراة. أشعر أنه هادئ للغاية ومصمّم للغاية".
بالنسبة لقطر، مالكة نادي باريس سان جرمان، فإن جاذبية مبابي هي فرصة ذهبية لتسليط الضوء على الرجل القوي للنادي الفرنسي، بعد أشهر قليلة من تمديد عقده بعد جدل واسع.
خلال الأيام القليلة الماضية، علت صورة مبابي في المدينة، في برجي الجابر في منطقة لوسيل شمال العاصمة.
اشارت صور عملاقة لمبابي، مثبتة على ناطحات السحاب، الى جانب صورة الاسطورة بيليه في ما يشبه سير مبابي على خطى البرازيلي في تكرار إنجازاته وأرقامه الفردية.
وعلى غرار الاسطورة البرازيلية، يصيب مبابي المنافسين بالذعر بعد تسجيله تسعة أهداف في 11 مباراة في نسختين من كأس العالم.
كما يملك مبابي سلسلة لافتة من 16 هدفًا في آخر 14 مباراة له مع المنتخب الفرنسي وقد تجاوز لتوه زين الدين زيدان برصيد 33 هدفًا بالقميص الأزرق، وهو رقم غير مسبوق في عمره.
والمفارقة هنا أنّه قبل عيد ميلادهم الرابع والعشرين، الذي يحتفل مبابي به في 20 كانون الأول/ديسمبر، لم يكن للبرتغالي كريستيانو رونالدو ولا للارجنتينيين ليونيل ميسي ودييغو مارادونا العديد من المباريات الدولية أو الأهداف الدولية مثله. فقط بيليه يسبقه في هذا المجال برصيد 43 هدفًا في 42 مباراة.
"الأفضل" آتٍ؟
"من الواضح أنه أفضل مهاجم لعبت معه. لا أعتقد أننا رأينا أفضل ما في كيليان حتى الآن"، هذا ما قاله زميله والهدّاف التاريخي للمنتخب الفرنسي جيرو، جازما أن رقمه التهديفي القياسي (52) لن يعمّر طويلاً قبل ان يحطمه "الظاهرة".
بقي مبابي متحفظًا في وسائل الإعلام حتى وصوله إلى مؤتمر صحافي بعد مواجهة فرنسا وبولندا، عندما أثار الاعجاب بمستوياته الفنية الرائعة.
في مواجهة أستراليا (4-1) سجل برأسه وهي نقطة ضعفه. ضد الدنمارك (2-1)، أحرز هدفا من هجمة مرتدة وانطلاقة صاروخية، مجال تخصصه. وضد البولنديين (3-1)، صنع الفارق بهدفين بكل برودة اعصاب.
يأتي مبابي في صدارة ترتيب الهدافين في كأس العالم (5) وفي الدوري الفرنسي ايضا (12) وفي دوري أبطال أوروبا (7). يتقدّم بثبات نحو الفوز بالحذاء الذهبي الأوروبي (أفضل هداف في الموسم). ليس ذلك فحسب، إنما يقترب كثيرا من جائزة الكرة الذهبية، بعد خمس نسخ في المراكز العشرة الأولى.
وقال مبابي: "جئت للفوز بكأس العالم، وليس لأفوز بالكرة الذهبية + أو + الحذاء الذهبي +".
بقي أمامه ثلاث مباريات ليفوز بكأس العالم، لينضم إلى الايقونة البرازيلية بيليه حيث تعد البرازيل آخر بلد فاز بالمونديال لمرتين متتاليتين عامي 1958 و1962".